رسائل خطاب العرش : هل ستطال “مقصلة ” المحاسبة رؤوس مسؤولين سامين ووزراء؟
كان خطاب العرش الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم أمس السبت بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتربعه على عرش المملكة مباشرا في تحميل مسؤولية التهاون في إدارة الشأن العام للطبقة السياسية و فئة الموظفين بحيث قال في إحدى فقراته : “وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة ..، لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ، فكلما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب ان يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة”.
و بحسب العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن السياسي المغربي، فان الخطاب حمل في طياته مجموعة من الرسائل المباشرة الى الطبقة السياسية المغربية ، حيث اتجهت الأنظار صوب دعوة الملك محمد السادس الى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل التأسيس لمرحلة جديدة شعارها البارز ” لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب” يقول الملك في خطاب العرش .
وفي الوقت الذي تسود فيه حالة من القلق والترقب وسط الوزراء وكبار المسؤولين المعنيين بتأخر تنفيذ مشاريع برنامج الحسيمة منارة المتوسط ، بسبب التحقيق الذي كان قد أمر به الملك محمد السادس في المجلس الوزاري الأخير الذي انعقد في 25 من شهر يونيو المنصرم ، والذي تعكف اللجنة الملكية المكلفة به لرفعه الى الملك ، يبدو أن لعنة الاقالة ستطارد بعض وزراء حكومة العثماني والمسؤولين في حال ثبوت أي تقصير أو اختلال في حقهم.
الأستاذ الجامعي و المحلل السياسي ادريس قصوري يرى في قراءة لمضامين الخطاب ، “أن الملك محمد السادس حينما تحدث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة ، لا يتحدث عن سياق آني وواقعي ، فالسياق الآني كما هو معلوم هو ما عرفه اقليم الحسيمة في الآونة الأخيرة وتداعياته الكبيرة والسلبية على الوطن بشكل عام، لكن هذا السياق مجرد مصدر لاتخاذ قرار سياسي ملكي سامي لرسم خارطة استراتيجية السياسة المغربية مستقبلا التي ستقوم على ربط المسؤولية بالحساب .
وأضاف قصوري في اتصال هاتفي مع “أوريزون تيفي” بأنه ليس بالضرورة أن تكون الرسالة موجهة الى المعنيين بتأخر وفشل مشاريع الحسيمة أو في أي منطقة أخرى هم المعنيين بهذا الخطاب الآن، وكأن المقص أو المقصلة ستستهدفهم في هذه الضرفية بالذات ، وقد يكون هذا صحيح وهو اشارة واضحة، لكن ما يريد الملك في رسالته هو تأسيس لمصير ومستقبل واستراتيجية سياسية لكل من يدبر الشأن العام الوطني من أي موقع كان فلا يمكن أن يكون لديه الأمان السياسي ليشتغل في منأى عن المحاسبة السياسية وأن يشتغل دون أن يحسابه أي أحد أو يسائله أحد .
” الأمان السياسي لم يعد موجودا كما كان في السابق بالسنبة للأحزاب السياسية التي تغطي وتدافع عن نخبها ومسؤوليها المتحملين للمسؤوليات في القطاعات العمومية سواء في البرلمان أو الحكومة أو في الادارة المغربية” يزيد المحلل السياسي مشددا على أن الملك أشار في خطابه بشكل واضح الى أن زمن الأمان السياسي والاداري للمسؤولين اليوم انتهى وهو ما يمكن أن نفهمه من خلال حديثه عن المقارنة بين القطاعين العام والخاص .
وحسب قراءة قصوري للفقرة التي تحدث فيها الملك عن القطاع الخاص واعتبره أكثر نجاعة من القطاع العمومي ، سجل الأستاذ الجامعي بأن القطاع الخاص ” لا يمكن أن يعطي الأمان لموظفيه ، في حال ما تم تسجيل أي تقصير أو خلل في تدبير المسؤولية،لا يتم تكريمه ويترقى ويضل في مكانه عقودا من الزمن هذه ليست قيم الادارة الخاصة، وهذا سبب نجاح القطاع الخاص لانه يكافئ الصفوة ويتابعها ويوفر لها الامكانيات ويحاسبها في نهاية المطاف، فاذا كان هناك أي تهاون في القطاع الخاص يتم محاسبة الاشخاص وطردهم ، وهذا غير متوفر في الادارة العمومية “.