مغرب

بنكيران والولاية الثالثة || بين ممانعة “تيار الاستوزار” والدفاع عن “استقلالية القرار”

يوم الأحد 15 أكتوبر،  يوم حاسم بالنسبة  لمسار عبد الاله بنكيران  الأمين العام لحزب العدالة والتنمية  ورئيس الحكومة السابق ، فقد قرر مكتب المجلس الوطني “للبيجيدي” برئاسة سعد الدين العثماني، عقد لقاء للجنة الأنظمة والمساطر بالمقر المركزي للحزب بالرباط، وهو اللقاء الذي سيتم فيه الحسم بشكل نهائي حول النقاش الذي أثاره  قياديون وأنصار بنكيران للسماح له بولاية ثالثة، أو سيتم قطع الطريق عليه من طرف ما بات يعرف “بتيار الاستوزار”.

ويتضمن جدول أعمال  اللقاء، الذي ينعقد بناء على مقتضيات المادة 100 من النظام الداخلي للحزب والمادتين 89 و90 من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني ،مقترحات لتعديل بعض مواد النظام الأساسي للحزب تقدم بها بعض أعضاء المجلس الوطني ، وذلك حسب ما ذكره بلاغ حزب “البيجيدي”.

بنكيران الذي لا يزال يقاطع أشغال الأغلبية  الحكومية منذ  تشكيل حكومة سعد الدين العثماني، أبعد  في وقت سابق رغبته في الاستمرار على رأس الحزب ، لكنه مستعد أن يستمر في حال ما  اذا اضطرت قيادات الحزب الى هذا الاختيار_ يقول بنكيران في تصريح سابق.

لكن خرجات بنكيران الأخيرة  لم تخلو من اشارات غير مباشرة بعثها الرجل عندما تحدث خلال لقاءه بمستشاري الجماعات التي يسيرها الحزب، أو في  ضيافة احدى المؤتمرات الحزبية أو في مناسبات عدة ، عندما تحدث عن استقلالية  القرار السياسي ، وبأن الحزب  ضربه زلزال سياسي وبأن وضعية الحزب أصبحت مقلقة ،  لاسيما بعد الصراعات  التي تفجرت بين القيادات التي استفادت من “تيار الاستوزار” ، وأخرى بقيت مساندة  له طيلة  مراحل تشكيلة  حكومته الثانية التي  لم يتمكن من تشكيلها وأعفي بعد ذلك  من المهمة  التي أوكلت  الى  رفيقه في الحزب ، الدكتور سعد الدين العثماني.

واذا ما تم تعديل أو حذف  المادة 16 التي تنص على أنه “لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين: الأمين العام، رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي، الكاتب المحلي”، وتم ادراجها في جدول أعمال المؤتمر الوطني الذي سينعقد شهر دحنبر المقبل، سيستمر بذلك بنكيران في قيادة  حزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف  الحكومي، لكن هذا الاستمرار قد يشكل  خطرا على حكومة العثماني ، أو قد يغير  بنكيران  من مواقفه حول  الصيغة الحكومية حسب  رأي المتتبعين للشأن السياسي.

 

تيار الاستوزار سيرفع “الفيتو” في وجه الولاية الثالثة

 

وفي قراءة له بخصوص هذا الموضوع ، اعتبر المحلل السياسي والأستاذ الجامعي  العمراني بوخبزة  بأن “مسألة حذف المادة  16 من  النظام الداخلي  تم تأجيل مناقشتها  أكثر من مرة ، حيث أن الاشتغال على الندوات المتعلقة بالجانب السياسي تم تقديمها على الجانب التنظيمي وهذا  يبين بأن هناك تخوفات، وهذا فيه اشارة لكون أن الحزب لم تتضح له الرؤيا  بشكل واضح بالنسبة لمكونات الحزب”.

واضاف بوخبزةفي تصريح له مع “أوريزون تيفي” بأن “عمل التيارات داخل مطبخ “البيجيدي” نشيطة الآن بشكل كبير خاصة تيار الاستوزار، للوقوف ضد أي محاولة لاعادة النظر في المادة  16 من النظام الداخلي، لأن  قطع الطريق عن بنكيران من أجل حرمانه  من الولاية  الثالثة لن يتم الا من خلال القانون وهي الوسيلة الوحيدة   للوقوف ضده “.

وأوضح  الأستاذ الجامعي بأن حزب “البيجيدي” دخل أيضا  الى  ” خانة الأحزاب السياسية الخاضعة للزعامة ، فاذا كان بنكيران قد ربح الرهان  الأول  من خلال تمديد ولايته  الى    سنة أخرى تحت مبرر الانتخابات رغم أن الأمر غير مسموح به من الناحية القانونية  للحزب ، وبالتالي بنكيران انتقل الى الرهان الثاني وهو رهان أكبر لأنه يلاقي معارضة من طرف تيار الاستوزار” ، هذا الأخير_ يضيف بوخبزة_  “أصبح له نفوذ داخل الحزب  على اعتبار أن هناك قناعة كون أن استمرار بنكيران على رأس الحزب  فيه الكثير من المخاطر من بينها النمط الذي فرضه بنكيران في تسيير الحزب  وكيف أقحم تيارات داخل  الحزب في صراعات  متعددة “.

 

بنكيران واستقلالية القرار السياسي..”الورقة الرابحة” 

اعتبر بوخبزة خلال حديثه مع “أوريزون تيفي” بأن “تعديل المادة 16 مرتبطة بطبيعة بالتوازنات داخل الحزب ، التي أصبحت تميل بشكل كبير لصالح كفة تيار الاستوزار ، وبأن أي  تعديل لن يكون بالسهولة التي كانت” .

وأضاف بأنه “من بين الأمور التي أصبحت تناقش داخل القانون التنظيمي للأحزاب هي مسألة استقلالية القرار السياسي ، وخير دليل  على ذلك  هو النقاش الدائر اليوم داخل حزب الاستقلال ، حول ما قيل  عن ترشيح  نزار بركة من طرف  شباط الذي يروج لخطاب سياسي داخل الحزب، _ في اشارة  منه الى  تصريحات هذا الأخير  التي  تتهم  بركة كونه “مرشح المخزن ، والجهات العليا”_  ، هذا الخطاب يقول المحلل السياسي يحضى برضى شرائح متعددة  داخل حزب العدالة والتنمية ، حيث  كان يروج له بنكيران  ولا يزال  لنيل مزيد من الدعم  من طرف  مناصريه” .

النقطة الثانية يضيف بوخبزة هي ” مرتبطة  بالتنظيمات داخل الحزب ، و بنكيران يمكن أن نقول عنه  أنه  استمال شبيبة  العدالة والتنمية،  ونحن نعلم وزن  ودينامية  الشبيبة الذي يكمن في قوتها وحضورها ،فالزعيم هو الذي يمكن له أن يتحكم في التنظيم و يستطيع أن  يوجه كفة المؤتمرات للجهة  التي يرغب فيها، وهذا “طكتيك” يستعمله  الآن بنكيران        و يتجلى من خلال توجيه الشبيبة لصالحه ، تبقى فقط مسألة نقابة  الحزب  _ الاتحاد الوطني للشغل الذراع النقابي” للبيجيدي”_ التي يلعب فيها الوزير محمد يتيم  دورا كبيرا، لأنه ينتمي لخط الاستوزار ، وبالتالي بنكيران  سيواجه صعوبة في هذا التنظيم .

 

“خطورة” استمرار  بنكيران على حكومة العثماني 

قال بوخبزة بأن “حكومة  العثماني حولها الكثير من القيل والقال ، فعند تشكيلها كان الحديث على أنها ولدت منذ البداية  لكي لا تنهي  ولايتها ، وتم تشكيلها فقط للخروج من “البلوكاج الحكومي” الذي كان ، وبعد مرور مدة  من الممكن جدا  أن يكون  هناك  تعديل حكومي ، وموقف بنكيران مبدئيا لم يكن راضيا على تشكيلة أغلبية العثماني ، لكن يجب أن لا ننسى بأن العثماني  لديه موقعه داخل الحزب ، فهو رئيس المجلس الوطني للحزب ، وكان أمينا عاما للحزب قبل بنكيران ، ويمكن  القول بأنه كان  قائدا الى جانب عزيز الرباح لتيار الاستوزار.

وختم المتحدث نفسه تصريحه قائلا  “بنكيران يمكن القول عليه أنه اصبح يمارس الدهاء السياسي ، فاذا تغيرت الأوضاع وحصل على الولاية الثالثة على رأس الحزب ربما سيعمل على التغيير من مواقفه، فلا نتحدث عن مواقف مبدئية أو ثابتة  فيما يخص هذا النوع من القرارات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى