سمير شوقي: منخرط سابق
يوم 13 شتنبر 2018 أغلق قوس حزين في تاريخ نادي الرجاء الرياضي، كان قد فتح ذات مساء 19 يونيو 2016.
سنتان من صراعات و نضالات أبانت المعدن الأصيل من زيف الشعارات، لكن وجب اليوم توثيقها و قرائتها جيدا، بعيدا عن تصفية أي حسابات، و ليتقدم نادي الرجاء الرياضي للأمام باطمئنان لابد من حسن استخلاص العبر من أخطاء و عثرات الماضي القريب و غلق كل الأقواس.
من الخيمة خرج مايل
انتهى جمع عام 19 يونيو 2016 على إيقاع فوضى و صراعات و عدم المصادقة على التقرير المالي الذي تلاه تقديم الرئيس محمد بودريقة استقالته و تقديم سعيد حسبان كمرشح وحيد ليستلم الرئاسة، فيما يشبه التعيين، حتى دون تصويت او رفع لليد.
في هذه الأجواء المشحونة بدأ حسبان ولايته و هو يعرف ان الوضعية المالية صعبة جدا باعتراف الرئيس السابق بودريقة الذي وعده بالمساعدة. لكن حسبان اختار أن يبدأ عمله بإطلاق النار على بودريقة و ذلك بالإعلان عن مديونية خرافية، فاختلطت الأرقام بين تكذيب بودريقة و إصرار حسبان فصارت الرجاء مادة دسمة للصراعات عوض ألإنكباب على حل الأزمة.
• و هكذا عوض ان تلتئم العائلة الرجاوية حول مشروع لإخراج الرجاء من عنق الزجاجة، ضاع المجهود في الإتهامات و الإتهامات المضادة، بغض النظر عمن المحق من المخطيء، فاستفحلت الأزمة، حتى أثرت على صورة الرجاء لدى الشركاء، مستشهرين و ممونين و سلطات.
سحب الثقة
بعد ثلاثة أشهر على قدوم حسبان، تحرك المنخرطون لإعادة القاطرة لسكتها، لكن الرئيس السابق صم آذانه أمام كل الإقتراحات. و يوم 27 دجنبر 2016 اجتمع منخرطون بأحد فنادق الدارالبيضاء للتداول في الخطوات التي من شأنها ان تعيد القاطرة لسكتها، ليدقوا ناقوس الخطر و يعلنوا عن قرارات هي الأولى من نوعها .
هنا برزت قوة منخرطين نادي الرجاء الرياضي كهيئة فاعلة تقدم خصوصية منفردة، بحيث أبرز المتدخلون (فيديو الإجتماع موجود و تقرير بين سبورت كذلك) بأن أزمة الرجاء المالية تبرز من خلال اهتزاز ثقة مؤسسات الدولة في التعامل مع مكتب حسبان فيما اعتبر متدخلون وصاية الجامعة على الرجاء وصمة عار و صفحة من تاريخ الرحاء وجب اقتلاعها بسرعة.و هكذا تم الإعلان لأول مرة عن سحب المنخرطين للثقة في الرئيس وقع عليها 53 من أصل 56 حاضرا كما يبين ذلك المحضر الذي نحتفظ به للتاريخ
طبعا، هيئة منخرطي الرجاء بها تيارات و انقسامات و هذا موجود منذ انطلاق نظام الإنخراط، قبل هشرين سنة، لذلك لم يكن مفاجئا ان تبرز خلافات بين من يعتبر حسبان متجاوزا و يجب عليه أن يرحل فيما تحفظ البعض عن ذلك بحجة ضرورة بروز مرشح قوي لخلافته قبل اتخاد أي قرار.
نضالات المنخرطين
بين 27 دجنبر 2016 و 13 أبريل 2018 سجل منخرطو الرجاء صفحة من النضال النادر في محيط كرة القدم المغربية. فبغض النظر عن الخلافات و الحسابات الضيقة و حتى بعض الإنزلاقات، تميز المنخرطون بحس عالي من المسؤولية يعتبر تفردا رجاويا خالصا، إذ قلما عانى رؤساء للأندية المغربية، من ضغط المنخرطين و نقاشاتهم العميقة كما عاني رؤساء الرجاء بما فيهم الأسماء الوازنة.
غذاة اجتماع 27 دجنبر، اجتمعت هيئة مصغرة لصياغة عدة رسائل إخبارية بتوقيع المنخرطين ال 53، بعد ان رفض الرئيس حسبان التجاوب مع مطالب المنخرطين بعقد جمع عام استثنائي، ووجهتها للوزارة الوصية و للجامعة و لوالي الدارالبيضاء و رئيس الجهة تشعرهم بالوضع و بسحب المنخرطين ثقتهم في الرئيس. ورغم أنهم لم يتلقوا أي رد رسمي إلا أنهم واصلوا الضغط بشتى الوسائل.
بعد ذلك، واصل المنخرطون اجتماعاتهم لتقريب وجهات الرؤى و البحث عن رئيس لخلافة حسبان. و هنا برزت فكرتان. الأولى تفضل لجنة مؤقتة فيما ترفض الأخرى هذا الطرح و تصر على تحمل رئيس رسمي قادر على الخروج بالرجاء من الأزمة.
و قد تم تعيين لجينة للتشاور مع رؤساء سابقين و شخصيات وازنة للمساعدة على إيجاد حل للأزمة و من ضمنهم امحمد اوزال الذي لم يكن متحمسا للتغيير في البداية قبل أن تستفحل الأمور.
ضغط الجماهير
في ظل التوثر الذي صار يغطي صفحات الجرائد و يؤثر على عطاءات اللاعبين خاصة مع عجز المكتب على الوفاء بمستحقات اللاعبين، دخل الحمهور على الخط من خلال شبكات التواصل الإجتماعي و الوقفات الإحتجاجية. و قد ابان الجمهور عن نضج كبير، فقد واصل دعمه للفريق واللاعبين كل مباراة داخل وخارج الدارالبيضاء، فيما كان يعبر عن رفضه لعجز المكتب المسير عن إيجاد حلول مالية تخرج النادي من مستنقع الديون و الحجوزات الموروثة بالإضافة عن عدم تمكنه من توفير إيرادات إضافية.
جمهور الرجاء كان يعبر كذلك عن رفضه للخلافات بين بعض المنخرطين فوجه سهامه لكل المنخرطين و هو معذور في ذلك و إن كان بعض المنخرطين قد ظلموا في ذلك بالنظر للمجهود الكبير الذي كانوا يبذلونه في الظل، ولم يكن يهمه ان تبرز أسماؤهم إعلاميا.
و مازال الجميع يذكر موقف جمهور الرجاء من المكتب المسير السابق خلال نهاية كأس العرش و الحرج الكبير الذي وضع فيه الرئيس السابق امام شخصيات رسمية سامية، و لعل ذلك الموقف كان المسمار الذي دق في نعش مكتب حسبان، إذ مباشرة بعد نهائي 18 نونبر 2017 لمس تخلي الجامعة عن حسبان بشكل لافت.
هكذا برزت قوة جمهور الرجاء الذي عبر عن موقف حازم اتجاه مرحلة حسبان و طالب بطيها، و لما طلب منه دعم اللجنة المؤقتة لبى النداء و سجل في ظرف أيام معدودة ازيد من 4 آلاف اشتراك ليصبح ثاني نادي بأفريقيا من حيث بطائق الإشتراك، و الهدف هو بلوغ 10 آلاف اشتراك و سيتحقق الهدف.
البحث عن رئيس
خلال العام 2017، كان على المنخرطين ان يبحثوا عن رئيس بديل، في مسار طويل و معقد، فتم الإتصال بعدة شخصيات رجاوية رفضت كلها تحمل المسؤولية في ظل انقسام الصف الرجاوي. لم ييأس المنخرطون ال 53 الموقعين لوثيقة سحب الثقة و الكثير ممن التحقوا بهم تباعا حتى بلغ عددهم 83. و في سابقة في نظام الإنخراط بالمغرب، نظم المنخرطون عدة أيام دراسية بفنادق الدارالبيضاء حول مواضيع قانون الشركات و القانون الداخلي و قانون التربية البدنية و مواضيع أخرى.
كان الهدف هو التسلح بكل الآليات القانونية التي يجب سلكها من أجل بلوغ الأهداف المرجوة، و هكذا بدات تختمر فكرة اللجنة المؤقتة تلتئم حول شخصية رجاوية لما بدا أن فكرة رئيس بديل صعبة المنال في ظل التجاذبات.
تم الإتصال بامحمد أوزال الذي اقتنع بالفكرة بعد ضغط من طرف الرؤساء السابقين و بإجماع المنخرطين بأن إصرار سعيد حسبان لن يزيد الرجاء إلا تقهقرا و تصدعا. و هكذا تم رد الإعتبار لحكماء الرجاء الذين تعرضوا لظلم حملات غير مفهومة ولا مبررة بالنظر لعطاءاتهم لبيت الرجاء، و لسخرية القدر صار الحل بيدهم.
و أخيرا …الإنعتاق
و بعد مخاضات ليست بالهينة، و هي ظاهرة صحية بالرجاء بحيث القاعدة هي النقاش و تصادم الأفكار، تم التوافق على شخص امحمد اوزال كقائد لمرحلة انتقالية تصل بالرجاء لبر الأمان حتى نهاية الموسم. ففي يوم 13 أبريل 2018، و عندما كانت جماهير الرجاء تتطلع لنتيجة أشغال الجمع العام الغير عادي، بزغ البدر و انقشعت الغيوم و تم الإعلان رسميا عن غلق قوس حسبان و بداية عهد جديد.
امحمد اوزال شكل لجنة مؤقتة تقنوقراطية عرفت كيف تحتوي الأزمة و تبعد اللاعبين عن مراكز التوثر فيما انشرح الجمهور و عادت الطمانينة. و كانت لجنة استشارية مكونة من الرؤساء السابقين تجتمع عند الحاجة باللجنة المؤفتة لترتيب المرحلة. و هكذا تم تجاوز الخلافات و تغليب مصلحة الرجاء.
أوزال، وللأمانة، كان حكيما في قيادة الرجاء لشط الأمان و النجاح في المهمة الأصعب و هي جمع شمل الرؤساء بما فيهم محمد بودريقة، فزال الضغط و غابت أخبار صراعات الرجاء عن صفحات الجرائد، و اخيرا، و كأن القدر هو الآخر تعاطف مع الرجاء، كانت النتائج إيجابية ساعدت على خلق أجواء التهدئة.
هكذا انتهت مرحلة المؤقت و صعد رئيس شاب ليقود الرجاء لتحديات كبيرة ابرزها إعادة التوهج لصورة الرجاء وإعادة قاطرتها لسكة الريادة و خصوصا تحتواء المديونية الكبيرة التي يجرها النادي.
فهنيئا لكل الرجاويين، جمهورا و منخرطين و مسؤولين سابقين عن تحليهم بالمسؤولية في أقوى اختبار واجه الرجاء منذ نشأته.. في انتظار ان تكون الذكرى 70 الذي سيتم تخليدها العام القادم ..احتفالا بالألقاب و بالأكاديمية و بالإحتراف الحقيقي، و حظ موفق لفريق العمل الجديد.