مغرب

بوريطة : حضورنا في مجلس السلم يعرقل المناورات وموضوع الهجرة «يتضمن مغالطات»

وصف ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي ، انتخاب المغرب، أمس، عضواً في مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي لمدة سنتين، بأنه أبرز حدث في الدورة الـ32 لاجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي الممهِّد لقمة رؤساء دول الاتحاد التي تلتئم غداً (الأحد) وتُختتم بعد غد (الاثنين)، حسب ما ذكرته جريدة «الشرق الأوسط».

وقال بوريطة في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط»: إن «الانتخاب شيء إيجابي ومهم جداً بالنسبة إلى بلدنا، ويأتي بعد سنة من رجوع المغرب إلى الاتحاد الأفريقي». وزاد وزير خارجية المغرب قائلاً: «مجلس السلم والأمن جهاز محوري في الاتحاد الأفريقي، لهذا كان الدخول إليه من الأهداف الأولى لدى الدبلوماسية المغربية بعد العودة إلى الاتحاد الأفريقي، لأنه جهاز يهتم بقضايا مهمة من ضمنها قضايا تهم المغرب بطبيعة الحال».

وأبرز بوريطة أن «الحضور في هذه الهيئة سيمكِّن من عرقلة كل المناورات، ومواجهة جميع الاستراتيجيات التي كانت تستهدف خلال كل هذه السنوات تسخير هذه الهيئة واستغلالها في خدمة أجندات معروفة لبعض الأطراف». وحصل المغرب على دعم أكثر من ثلثي (70%) أعضاء الاتحاد الأفريقي (39 دولة من مجموع 54)، في حين امتنعت عن التصويت 15 دولة.

وأوضح بوريطة أن المغرب اليوم يحظى بثقة الدول الأعضاء التي أرادت له أن يدخل إلى مجلس السلم والأمن، مشيراً إلى أن ذلك فيه، من جهة، اعتراف بالمكانة والتقدير والمصداقية التي يحظى بها الملك محمد السادس على مستوى القارة، والدعم القوي الذي قدمته مجموعة من الدول الأفريقية له، كما أنه يعني، من جهة أخرى، اعترافاً بمساهمة المغرب منذ سنوات في الأمن والسلم على المستوى القاري.

وذكر بوريطة أن المغرب لم يعد ذلك البلد الذي ينتظر السماح له بالعودة إلى الاتحاد الأفريقي، وإنما أصبح مساهماً فاعلاً في الأمن والسلم على مستوى القارة، منذ عام 1960 حينما شارك في عمليات حفظ السلام في الكونغو، وتلت ذلك مشاركته في عمليات حفظ السلام في الصومال، وكوت ديفوار، وأنغولا، والكونغو الديمقراطية، وأفريقيا الوسطى.

وزاد بوريطة قائلاً: إن «المغرب بالإضافة إلى حضوره القوي في عمليات حفظ السلام، لديه مشاركة قوية في مجال فض النزاعات والدبلوماسية الوقائية من خلال مجموعة الاتصالات التي يقوم بها العاهل المغربي، ومن خلال العمليات الإنسانية، بالإضافة إلى المساهمة في تنمية الدول الأفريقية. كل هذه العوامل كان لها تأثير ووزن في اختيار وانتخاب الدول الأفريقية، اليوم (أمس)، المغرب لعضوية مجلس السلم والأمن، رغم كل المحاولات التي ظهرت في البداية لعرقلة هذا الترشيح».

وأوضح بوريطة أن بعض الدول «حاولت عرقلة انتخاب المغرب، بيد أن مصيرها كان الفشل، لأن مصداقية المملكة والاعتراف بعمل جلالة الملك كانا مهيمنين».

وأضاف: «نحن ندرك أنه من أجل أن تنجح يجب ألا تكون وحيداً، والمغرب كان يتمتع بدعم أكثر من ثلثي الأعضاء، وهو كافٍ للفوز بالمقعد، على الرغم من الحملات والرسائل التي كانت تُبعث. اليوم (أمس) كان هناك دعم قوي، والمغرب تجاوز الثلثين، وبالتالي فإنه ابتداء من شهر مارس (آذار) المقبل سيدخل هذا المجلس».

وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن الجزائر وبعض الدول الحليفة لها، حاولوا إقامة عراقيل لانتخاب المغرب من خلال خلق أقلية معرقلة، وإثارة جدل سياسي وقانوني حول ترشح المغرب لعضوية مجلس السلم والأمن، باعتبار أنه ترشح من دون توافق، وأن ترشحه جاء مبكراً نظراً إلى أنه لم يعد إلى الاتحاد الأفريقي إلا قبل سنة.

في غضون ذلك، قال بوريطة إن «انتخاب المغرب لعضوية المجلس سيمكّنه من تقديم الخبرة التي لديه، والتجربة التي عنده في هذا المجال للدول الأفريقية. فالمغرب معروف على المستوى الدولي بالمساهمة في عمليات حفظ السلام، ولديه تجربة قوية وشراكات في مجال الأمن والسلم مع مجموعة من المنظمات الوازنة مثل الاتحاد الأوروبي، وحلف الشمال الأطلسي وغيرهما… إذاً المغرب سيأتي بهذه الخبرة، وبهذه التجربة».

وأشار بوريطة إلى ما قاله ملك المغرب في يناير الماضي في خطاب العودة إلى الاتحاد الأفريقي، وقال إن المغرب لم يأتِ إلى الاتحاد من أجل التفرقة، بل من أجل أن يتقاسم تجربته مع دوله، خصوصاً تجربته في المجال الاقتصادي.

بيد أن بوريطة قال لـ«الشرق الأوسط» إن أفريقيا اليوم ستشاهد بُعداً آخر في التجربة المغربية، هو بعد الأمن والسلم والتنمية، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي لم تكن الدول تريد إرسال جنودها إلى الخارج بعث المغرب بالآلاف من جنوده للمشاركة في عمليات حفظ السلام.

وذكر الوزير بوريطة أن «المغرب من بين الدول القليلة جداً التي شاركت في العديد من عمليات حفظ السلام»، مشيراً إلى أن المعرض الذي نظمته مديرية التاريخ العسكري بالقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، على هامش القمة الـ30 للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، يجسّد بوضوح هذا التوجه الذي اعتمدته المملكة المغربية.

وبانتخاب المغرب و9 من الأعضاء الجدد في مجلس السلم والأمن، تلتحق الدول العشر (مدة ولايتها سنتان) بالأعضاء الآخرين: مصر ونيجيريا وكينيا وزامبيا والكونغو، التي ستحتفظ بعضويتها حتى مارس 2019 (مدة ولايتها 3 سنوات).

ووفقاً للآلية التي أنشأها البروتوكول المتعلق بمجلس السلم والأمن، فإن الهيئة التنفيذية للاتحاد الأفريقي تتكون من 15 دولة عضواً، منها 10 بلدان منتخبة لولاية واحدة مدتها سنتان، و5 يتم انتخابها لولاية مدتها 3 سنوات، من أجل ضمان استمرارية أنشطة مجلس السلم والأمن.

ويبقى مجلس الأمن والسلم أرضية أساسية للدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي لتعزيز سياستها الخارجية في مجال السلم والأمن.

ومن بين أهداف مجلس السلم والأمن، التي حددها بوضوح القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي «تعزيز السلم والأمن والاستقرار بالقارة»، حسب مبادئ «الحل السلمي للنزاعات بين الدول الأعضاء في الاتحاد بالوسائل المناسبة التي يمكن أن يقررها مؤتمر الاتحاد».

وشكّل القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، الذي تمت المصادقة عليه في مؤتمر قمة سرت الثانية في 11 يوليو (تموز) 2000، نقطة تحول في تاريخ هذه المنظمة الأفريقية التي أعطت الأولوية للتنمية والأمن، خصوصاً من خلال إنشاء مجلس للسلم والأمن.

ووضع البروتوكول المتعلق بإحداث اللجنة، الذي تمت المصادقة عليه في يوليو 2002، في دوربان بجنوب أفريقيا، الركائز الأساسية لهندسة السلم والأمن الأفريقي. ودخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2003 بعد مصادقة 27 عضواً، وتم إنشاء مجلس السلم والأمن رسمياً في 25 مايو (أيار) 2004.

وأكد مسؤولون أفارقة في أديس أبابا أن للمغرب دوراً مهماً في تعزيز السلم والاستقرار في أفريقيا، وذلك بالنظر إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها المملكة في المجالات المتعلقة بتنمية وازدهار الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى