مغرب

ماذا وراء تأجيل الحسم في الاستقالة؟

عشرة  أيام، هي المدة التي كانت بين خطاب العرش واستقالة الياس العماري من حزب الأصالة والمعاصرة. استقالة أثارت الكثير من الجدل، لاسيما أن الياس أعلن خلال ندوة صحافية بأنه  معني  بمضامين خطاب الملك محمد السادس الذي انتقد فيه الطبقة السياسية  بشكل مباشر ، وحمّلها  مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الاجتماعية والسياسية.

انسحب  الياس بشكل مؤقت من الحزب، ولو أن البعض تحدث بأنه يسيره عبر  الهاتف عن بُعد، وتحمل الحبيب بلكوش  الأمين العام بالنيابة مسؤولية المرحلة الان، أي مرحلة ما بعد الياس ، الى حدود يوم الأحد الماضي بالصخيرات وعقب اختتام الدورة الثانية والعشرون للمجلس الوطني للحزب ، قال البيان الختامي  ان  ” المجلس الوطني ألزم  الياس العماري بتحمل مسؤولياته على رأس الحزب إلى غاية انعقاد  دورة استثنائية للبث في موضوع  الاستقالة في ضوء مقترحات عملية سيتم إعدادها من قبل أعضاء سكرتارية المجلس الوطني ورئاسة المجلس، وأعضاء من المكتب السياسي، وعضو واحد عن كل جهة”.

عودة الرجل من جديد لتدبير أمور البيت الداخلي ، ورص صفوف “الباميين ” لاسيما بعد اندلاع معركة التصريحات النارية  بين قيادات  الحزب وصلت الى حد الاتهام بالاغتناء الفاحش عن طريق  التلاعب بالتزكيات الانتخابية ، يطرح أكثر من علامة استفهام:  هل استقالة العماري منذ البداية  ، كانت  استقالة حقيقية ؟ أم مناورة سياسية لجس نبض البيت الداخلي ؟

 

استقالة الياس … مكر أم مناورة !

 

الأستاذ الجامعي والمحلل والباحث السياسي ادريس قصوري يرى في تصريح  “لأوريزون تيفي” بأن  “استقالة العماري كانت حقيقية  لظروف وشروط يعرفها جيدة ، كما أن العودة  حقيقية، وبالتالي لا يمكن ان نقول بان الاستقالة كانت مكراً ومناورة من طرفه،  فقد طرأت أمور أخرى  بين الاستقالة والمرحلة الحالية ، ولا ننسى بان الحزب لديه 102 برلماني بالاضافة  الى بعض الشخصيات السياسية  داخل الحزب تتقلد  مناصب مهمة  داخل المؤسسات، وهذه الشخصيات تلاحقها مجموعة من الاتهامات ، على سبيل المثال  ما قيل عن  بنشماش من طرف بعض القيادات ، ولا ننسى أنه يتقلد منصبا مهما وحساسا جدا لأنه الرجل الرابع على هرم الدولة، وأيضا عزيز بنعزوز رئيس فريق المستشارين للحزب “.

ويرى الباحث السياسي بأن ” الأشخاص  الذين رفعو شعار عودة الياس  داخل المجلس الوطني  لا يعرفون أصلا لماذا يريدون بقاءه على رأس الحزب ، واذا ذهب الياس من الحزب ستتجه الأمور الى عقد مؤتمر لاختيار المكتب السياسي  والمجلس الوطني”، حيث تساءل  قصوري  “هل سيخرج  بنشماش من تشكيلة المكتب السياسي،  وهل  سيظل في الحزب وفي الغرفة التي يترأسها” ، وبالتالي عودة الياس يقول قصوري  “هي لإقفال باب  التداعيات السلبية والصراعات الداخلية التي تفجرت ، ولديها اسقاطات وتبعات ليست على مستوى الحزب فقط ، بل على مستوى  مؤسسات الدولة ” .

 

عودة العماري  ..والخطاب الشعبوي !

 

نفى  قصوري أن يكون هناك خطابا شعبويا لدى قادة الأحزاب السياسية ، حيث اعتبر بأن الإعلام هو الذي يروج لهذا التوجه “، فبنكيران على سبيل المثال يقول المحلل السياسي “كان يتواصل  باللغة  التي يفهمها  كافة الشعب ، وبالفصيح مهما كان جارحا، فالذي كان غائبا في نظر قصوري  هو خطاب الاعتدال والوسطية عند جميع القيادات الحزبية ، ولم يكن هناك خطاب يراعي التوافقات ، والنقاش السياسي وأسلوب التحدي السياسي ، حيث كان خطابا عدائيا ،فيه نوع من  الأنانية  وتلفيق التهم” .

وأضاف المتحدث بأن “خطاب الزعماء السياسين لم يكن يراعي اخلاقيات السياسة، و لم يحترموا قواعدها ، و المرحلة القادمة هي مرحلة  عقلنة الخطاب والمشهد السياسي وسلوك السياسيين لتصير أكثر اتزانا وعقلانية ، لأن المرحلة السابقة أنتجت لنا  نتائج سلبية تميزت بالاحتجاجات  والمظاهرات، كما  أثر ذلك  على  وعي الناس ولم تعد  الأمور متحكم فيها “.

وتساءل المحلل السياسي عن “جدوى الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر  التي مر بها المغرب، اذا كانت النتيجة هي حراك الريف ، واندلاع حرب  التصريحات بين الزعماء السياسيين “، فعوض أن نخرج ببرامج تؤطر السياسة العامة” يضيف قصوري بأن الزعماء والمسؤولين ، تركوا الأوضاع تتأجج، ولم يستطع أي أحد التحكم في الحراك ليتحول الى مشكل مقيت ويؤثر على الجميع ويعصف  بمؤسسات الدولة بما فيها الحكومة و  البرلمان   ولا حتى الأجهزة الوسيطة  التي ذهبت للتحاور مع المحتجين، ليكون  جواب المحتجين ” نريد الحوار مع  الملك ، ولا ثقة في هذه المؤسسات والسياسيين” .

 

مستقبل “البام” ..الياس زعيم مرحلة جديدة !

 

وفي قراءة لمستقبل الحزب، قال قصوري إن “الياس العماري سيعود الى قيادة حزب  “البام” بشكل وأسلوب ولون آخر ، فما قبل هذه المرحلة انتهى ، وسيتم تخفيف المكتب السياسي، وكل القيادات التي كانت داخل المكتب  سترجع الى مكانها  السابق”.

وأضاف بأن “مرحلة حزب البام السابقة انتهت ، فأغلب القيادات التي استقطبها الحزب ستخرج، وسيبقى “البام” حزبا يساريا صرفا، وسيضم  فئة جديدة من  اليسار، ليس اليساريون الذين ينتمون الى جيل  السبعينات بل الثمانينات ، وسيصبح الحزب يضم فقط  القاعديين المستقلين” .

وأشار قصوري إلى أن “حزب البام سيخرج منه رجال الأعمال وبعض الوجوه القيادية، كما أن العماري  سيبقى على رأس الحزب  ليقود مرحلة أخرى ليست بالدور الذي كان في السابق “.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى