مغرب
العلاقات المغربية الإيرانية بين الإنفتاح والقطيعة
عادت العلاقات المغربية الإيرانية إلى التوتر من جديد، عقب إعلان الخارجية المغربية رسميا قطع علاقة المغرب الدبلوماسية بإيران، وسحب السفير المغربي بطهران، وكذلك طرد السفير الإيراني بالرباط، وذلك رداً على علاقة حزب الله بجبهة البوليساريو، وعدم تدخل الخارجية الإيرانية في الملف رغم التنبيهات المغربية لمدة سنتين. هذه القطيعة ليست وليدة اليوم، بل عرفت العلاقات المغربية الإيرانية توترات على مر الزمن. بدأت العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية، مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث كان هناك تعاون دبلوماسي وسياسي وأمني، حيث أن إيران كانت خلال تلك الفترة في صراع مستميت مع المد القومي العربي والنفود السوفياتي خلال مشاركتها في حلف بغداد، كما أن تراجع التيار القومي الثوري وبروز تيارات جديد في العالم العربي بعد يونيو 1967 ووفاة جمال عبد الناصر، جعلت إيران تحاول تقوية علاقاتها بدول المغرب العربي، لتعطى الإنطلاقة للعلاقة الدبلوماسية بين البلدين، خلال فترة حكم الراحل الحسن الثاني، والشاه رضا بهلوي والذي طلب وساطة الحسن الثاني لحل الأزمة والخلاف إبان إندلاع الشرارة الأولى للثورة في إيران والتي قادها الخميني، الذي إلتقى حينها مبعوث الحسن الثاني، ذلك أن المغرب لم يدخر جهوده ومساعيه الدبلوماسية لحل الأزمة والخلاف بين الشاه وجماعة العلماء.
وقد أدى نجاح الثورة الإسلامية سنة 1979 والتي أطاحت بنظام الشاه، إلى الدخول في مرحلة القطيعة بين المغرب وإيران، حيث إتخد المغرب موقفا يتناقض مع النظام الإيراني الجديد في ذلك العهد، وفي سنة 1981 تقرر رسميا قطع العلاقات الإيرانية المغربية، لاسيما بعد أن حل الشاه بالمغرب وهو ما أزم الوضع بين البلدين، حيث تباعدت التصورات بين البلدين إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك تصعيد المواجهات الدبلوماسية، سواء من خلال موقف إيران الداعم لأطروحة الإنفصاليين، والموقف المعبر عنه من طرف النظام الإيراني في قضية الصحراء، وكذلك من خلال صنع محاولات للإطاحة بالمغرب من منظمة التعاون الإسلامي سنة 1986 والتي كان المغرب يرأس القمة الإسلامية خلال تلك السنة.
وكانت المناورات الإيرانية بتحالف مشكل من سوريا وليبيا والجزائر، خاصة وأن ذلك تزامن مع إستقبال الملك الحسن الثاني لرئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز، لكن فشلت المناورة الإيرانية.
وشكل قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية، سنة 1991، منعطفا حاسما في مسار العلاقات الثنائية، حيث تم إعتماد الإنفتاح كتصور جديد في مختلف القضايا، خاصة وأن السياق الدولي خلال تلك الفترة والمتميز بنهاية الحرب الباردة وإنهيار جدار برلين، والذي أثر سلبا على إيران مما جعلها تعيد ترتيب أوراقها الدبلوماسية مع المغرب، حيث عرفت الفترة بعد إنفتاح العلاقات، تبادل الزيارات بين مسؤولين حكوميين بارزين، كما تعززت العلاقات على المستوى القانوني، من خلال توقيع عدد من الإتفاقيات في مجالات متعددة، وكذلك إجتماعات مشتركة بين الحكومتين والذي كان آخرها سنة 2004. رغم تطور العلاقات المغربية الإيرانية بعد سنة 1991، إلا أن جو القطيعة عاد من جديد يخيم على هذه العلاقات، على إثر خلاف بين البلدين حول تصريحات من الجانب الإيراني بخصوص ضم البحرين إلى الأراضي الإيرانية وهو ما رفضه المغرب من خلال موقف واضح رافضاً لهذه التصريحات الصادرة عن مسؤول إيراني، كما وصف بلاغ الخارجية المغربية الصادر حينها بأن هناك تقارير تفيد بدعم إيران لحركة تشييع بالمغرب والإساءة لمقومات الدينية والجوهرية للمغرب، المتبني للعقيدة والمذهب السني المالكي، حيث أن هذه الأنشطة تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للمغرب، إستوجب قطع العلاقات المغربية الإيرانية.
بعد قطيعة دامت سبع سنوات، عادت مجددا عجلة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى الدوران، وفي ظل غياب بلاغ مشترك يفيد بقطع القطيعة، جعل تعيين المغرب لسفير جديد بطهران حسن حامي، بداية جديدة في مسار العلاقات المغربية الإيرانية بعد أزمة 2009. كما أن طهران عينت سنة 2014 محمد تقي قائما بالأعمال بالرباط، حيث كان هذا التبادل الدبلوماسية عودة للعمل المباشر بين البلدين، لكن خلال هذه الفترة لم تشهد العلاقات المغربية الإيرانية أي نشاط يذكر بخلاف الفترة بين سنتي 1991 و 2009.