رياضة

الأروع في الإقصاء الصادم

يصعب أن تصدق ما يحدث. يصعب حقا، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالرجل الأول في المنتخب الوطني المغربي، الذي لم يمر على انتكاسة خروجه المثير من نهائيات كأس أمم إفريقيا من دور الثمن، سوى يومين لا غير، كي يرمي بالملح في الجرح الغائر، دون اكثرات لآهات ملايين المغاربة من مأساة لم تندمل جراحها بعد.

ومرد هذا العتاب الذي يتجاوز اللوم  إلى حد الغضب هو تنويه السيد «هيرفي رونار» بتأهل منتخب مدغشقر لدور الربع في تدوينة مثيرة لا بد أن يحتفظ بها التاريخ الرياضي للمغاربة!!

وإذا كان المغاربة قد صفقوا لمنتخب مدغشقر وقبله منتخب الجزائر وتمنوا تأهل منتخب تونس مثلما تحسروا على إقصاء المنتخب المصري،  فإن المثير في التهنئة هو توقيتها بالضبط.

تقول القاعدة الذهبية أن كل الأمور بسياقاتها، سواء في السياسة أو في الرياضة أو في غيرهما، خاصة إذا كانت هذه السياقات مرتبطة بشخصية عمومية تتحمل مسؤوليات لها وزنها، مثل قائد الجهاز الفني للمنتخب المغربي.

ومادام الشيء بالشيء يذكر كما يقول المثل المأثور، فإن التهنئة وهي مستحقة لمنتخب مدغشقر الفريق الظاهرة في الدورة الحالية لكأس إفريقيا، فيها كثير من الاستفزاز لمشاعر المغاربة، خاصة أن السياق الذي اختاره السيد “رونار” للتهنئة، وهو ما يزال مدربا للمنتخب الوطني المغربي، ليس فيه اعتبار لمشاعر الملايين من المغاربة وغيرهم من الأشقاء الذين ما يزالون تحت هول الصدمة!!

والمثير في التهنئة بما هي مشاعر للفرح والسعادة كونها جاءت يومين فقط بعد تدوينة النكسة بعد الخروج القاسي من نهائيات أمم إفريقيا، وإذا لا يمكن أن يكون في القلب جوفين، من حيث لا يستطيع أن يجمع في نفس اللحظات بين مشاعر الفرح وآلام المأساة، فإن المشهد قد يصبح سورياليا!!

أفضل ما يمكن أن يصدر عن السيد رونار في مثل هذه اللحظة الدالة، والجميع يفكر في المستقبل الغامض للمنتخب المغربي، هو ذلك الصمت الهادئ القادر على أن يصنع جوا للتفكير بدل الاستفزاز.

أسوأ ما ستحتفظ الذاكرة الرياضية المغربية هو تحطم أحلام كبيرة بسبب تفاصيل صغيرة، كان بالإمكان تجاوزها لو … لكن الأجمل في الدورة الحالية لكأس أمم إفريقيا هي تلك الصور المليئة بكثير من الرسائل الهادئة لتلك السياسة التي كادت أن تهدم كل ذلك المشترك بين شعوب يجمع بينهما ما يمتد في التاريخ ويتجاوز الجغرافيا ويرسم صورة رائعة للمستقبل.

وهي أيضا أكثر من معبرة وتزيد من منسوب الثقة في المستقبل، التحف فيها الأشقاء بأعلام الأشقاء، وبكثير من الاعتناء في تبيان الاهتمام والرعاية، وفي مشاهد أصبحت لوحدها حدثا ضمن الحدث الكروي في القارة السمراء.

من الفنادق وعبر الشوارع وإلى الملعب … لا فرق بين المغربي والجزائري والتونسي والمصري … نفس الأحلام التي كانت تختلج قلوب أجيال منذ سنوات وعقود … لا بد أن تظل كذلك، وأن تستمر.

هو نصف الكأس المملوء الذي يجب أن يحظى بكثير من الانتباه والتقدير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى