الخطأ الذي لا يجب ارتكابه
أحداث الريف يجب أن تعالج بكثير من التروي، لا عصا ولا جزرة و إنما بجرعة معقولة من الواقعية. هي مطالب سوسيو-اجتماعية بالأساس، و محاولة تسييسها من طرف جهات في الحراك أو أطراف في الدولة تجانب الصواب.
فأولئك الذين يريدون استغلال المآسي الإجتماعية لجزء من المغاربة و يلبسونها بهتانا لبوسا سياسيا انفصاليا، واستعمال رموز لا تمت للدولة المغربية بصلة، إنما يلعبون بالنار. و كذلك، عندما تصف جهات في الدولة الحراك ككل كمحاولة خارجية لتهديد أمن و وحدة البلد، فهي كمن يستكثر على المغاربة قدرتهم على الانتفاضة في وجه التهميش و الحكرة و كأن كل تعبير احتجاجي، حتى و إن كان سلميا، لا يمكن إلا أن تكون ورائه أياد خارجية.
إن أفضل حل أمام هكذا وضع هو فتح قنوات الحوار مع الفاعلين السياسيين و النقابيين و المجتمع المدني و الإنصات العميق لنبضات متطلباتهم و تجنب الوعود الكاذبة و لغة الخشب. هذا الدور يجب أن يقوم به الولاة و رؤساء المجالس الجهوية و عمداء المدن في إطار مقاربة تشاركية.
للأسف، في حالة الريف، تم الإعتماد على المصالح المركزية و تكلف وزير الداخلية بنفسه بالتنقل مرات لإيجاد حل لنزع فتيل التوثر، فيما غاب الوالي محمد اليعقوبي بعد أن رفض المحتجون مجالسته و هذا في حد ذاته فشل دريع بجب معالجته. فلا يمكن لوزير الداخلية أن يلعب دور الإطفائي، كما أنه لا يمكن أن يهب حاملا “حلولا سحرية” لبؤر التوثر، فيما يتم تجاهل الجهات الأخرى لأنه، ربما، احتجاجها صامتا.
هذا هو الخطأ الذي يجب تجنبه، حتى لا تحمل المقاربة التي تم اعتمادها بالحسيمة رسائل خاطئة. لذلك على الولاة الإثني عشر أن يشتغلوا مع رؤساء المجالس الجهوية، ذات الشرعية الشعبية الإنتخابية، بشكل استباقي لأن الوقاية أفضل من العلاج و أسهل من إطفاء الحرائق.