إفتتاحية سمير شوقي
أثرياء ولكن بؤساء
الطبقة الغنية في المغرب لها خصوصياتها وعالمها الخاص، و هذا من حقها و يدخل في إطار الحقوق الفردية كما يحق لها أن تكسب الأرباح بشكل مشروع، لكن يجوز لنا أن نغوص في جانب مهم من شخصية أثريائنا.
بخصوص التضامن الإجتماعي تسجل على طبقة الأثرياء ملاحظات كثيرة خاصة بعد رحيل الرعيل الأول من أثرياء فترة الإستقلال و ما تلاها. الآن، ورثتهم يعيشون في غالبيتهم (حتى لا نعمم) في برج عاجي متعالين عن مجتمعهم و محيطهم. إنهم لم يستسيغوا أن يعيشوا وسط محيط من الفقر و البؤس و ينشغلون بتجميع و تكديس الثروات و ينسلخون عن مجتمعهم دون أن يضيرهم ذلك في شيء.
هناك فئة أخرى من كبار الأثرياء اختاروا إنشاء مؤسسات اجتماعية، لكنها انشغلت بتنظيم عروض اللوحات التشكيلية ونقاشات الصالونات المخملية وإقامة مأدبات عشاء راقية في فنادق فاخرة للحديث عن مآسي سكان الجبال والمناطق المعزولة!
جزء من هؤلاء لا يتوانى في الغش في تصريحاته الضريبية حتى لايؤدي مساهماته الجبائية التي تسهم في تمويل حاجيات المجتمع. في الوقت نفسه يجد الموظف البسيط وعموم الطبقة المتوسطة أنفسهم أمام اقتطاع من المنبع و أمام أداء الضريبة على القيمة المضافة في كل مشترياتهم. هذه الشريحة المتضررة من ثقل الضرائب و محدودية الأجور هي التي تأخد على عاتقها، مباشرة و من خلال هيئات المجتمع المدني، تقديم العون والتضامن بمختلف أشكاله لمتضررين البرد و الثلوج و الرعاية الصحية في المناطق المعزولة.
عندما تقف سيارة البورش و ما يوازيها في الإشارة المرورية ولا يزعج سائقها أي مخلوق ثم ينطلق بكل هدوء لقضاء أغراضه بكل أمن و أمان، فإن لذلك ثمن أقله التضامن مع المجتمع الذي يتنفسون هواءه من أجل تحسين مستوى العيش. هؤلاء يحيون و كأنما سيعيشون أبد الدهر!
انظروا لأغنى رجل في العالم، بيل غيتس، كيف أسس مؤسسة للرعاية الإجتماعية في العالم، ووهب ما تبقى له من حياة وأموال لهاته القضية النبيلة،
اتعضوا، إن آخر المشوار بعد سنوات أو عام أو يوم أو برهة، ولعل ملك الموت يستعد لنا الآن و ما نحن بعالمين.
اتعضوا إن كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام.