إفتتاحية سمير شوقي
من قال أن البام قد مات ؟
عندما قال جورج أرويل، الصحافي الإنجليزي الشهير، قبل 70 سنة “أن السياسيين كالقرود، إذا تخاصموا أفسدوا الزرع و إذا تصالحوا اكلوا المحصول” فإن سياق ذلك كان خاصا في ظرفية تاريخية معينة ببريطانيا الخارجة للتو من الحرب العالمية الثانية، و بالتالي لا يمكن أن نعمم هذا المفهوم على السياسيين بصفة عامة على الرغم من نفاق و انفصام بعضهم و انسياق البعض الآخر وراء المصالح الشخصية.
بالمغرب، المشهد السياسي صار بدون طعم و لا منطق. فلا الأغلبية أغلبية منسجمة، ولا المعارضة معارضة حقيقية.
فرغم رسائل التطمينات و صور تشابك الأيدي، هناك مشكل حقيقي وسط صفوف الأغلبية و حتى أزمة صامتة سيأتي يوم لامحالة و تنفجر بكل الإسقاطات السلبية لأنها “خرجت من النهار الأول مايلة”.
أما المعارضة فهي ممثلة في حزب واحد و هو الأصالة و المعاصرة الذي يعارض حزب العدالة و التنمية أكثر من الحكومة ككل، بينما حزب الإستقلال قرر دعم الحكومة من خارجها، أي ضمنيا “البام” بجد نفسه وحيدا في المعارضة.
الإشكال الخطير في الأمر، أن حزب إلياس العماري متى قرر التخلي عن المعارضة و الإصطفاف مع حزب الإستقلال فإنه سيسقط دستوريا الحكومة، لأن الدستور خول للمعارضة دورا هاما بمجلس النواب و بمجلس المستشارين، منها ترؤس لجان هامة. و الحكمة الدستورية هنا هي إعطاء الحياة السياسية معنى و منع الأحزاب في الإصطفاف كلها في نفس الجانب و الإتفاق على أكل تلمحصول بمنطق جورج أرويل. البام يعي ذلك جيدا و يعرف أنه ماسك بهذه الورقة التي تقويه حتى وإن كان لن يستعملها قط لأسباب تتعلق باستقرار البلاد.