إفتتاحية سمير شوقي
20 أبريل – 20 ماي .. دروس المقاطعة
مر شهر كامل عن حملة المقاطعة، و كل يوم يمر إلا و يحمل معه الجديد و “ضحايا” جدد.
بعد شتم المقاطعين تم الإستخفاف بهم و عودة للإعتذار و خروج أرقام المحروقات للعلن، لا يمكن لعاقل إلا ان يستنتج أنه صار ما قبل و ما بعد المقاطعة. صار هناك رأي عام مستقل لا يساق كالقطيع من طرف أحزاب سياسية تبرم صفقات سرية بينها و تحاول تنزيلها على المواطنين. و رغم أننا لم و لن نكون من أولئك الذين يبخسون دور الأحزاب، لأن الواقع و الدستور يفيد أنه لا ديموقراطية و حتى لا حياة سياسية دون أحزاب، فإن حملة المقاطعة دقت ربما آخر مسمار في نعشها.
فباستثناء قلة قليلة، أخلفت الأحزاب دورها مع المواطنين، لم تحسن الإستماع تارة، تواصلت بشكل سيء تارة، و حتى لما وقفت على زلتها لم تحسن تداركها. بل دخلت في صراع ديكة و خاصة بين أحزاب الأغلبية البيجيدي و الأحرار في مشهد مثير للشفقة، بينما توارت الأحزاب الأربعة الأخرى المشكلة للحكومة عن الأنظار و كأن ما يقع يهم جزر الواقواق، و هذا قمة الجبن السياسي الذي يكرس واقع أحزاب اختارت التخندق فقط في الوضع المريح و تحالفت مع الإمتيازات و المناصب.
أحزاب المعارضة “داخت”، و بخلاف أي معارضة في العالم لم تصطف مع الشعب مع أن المنطق هو أن تستغل أبسط هفوة من الحكومة لتستغلها. لا أتحدث هنا عن بعض العروض “البهلوانية” بالبرلمان، لكن عن العمق.
فالبام مثلا، انتفض و ملأ البرلمان صراخا ضد الحكومة، لكنه في لجنة المهمة الإستطلاعية بخصوص المحروقات اصطف مع حزب الأحرار الحكومي على طول دون تحفظ! وصار عاجزا عن بلورة موقف واضح و صريح! أما الإستقلال المنضم أخيرا للمعارضة، فمازال وضع أمينه العام المبهم يقزمه. فنزار بركة رئيس حزب معارض و في نفس الوقت رئيس المجلس الإقتصادي و الإجتماعي التابع للحكومة!
فهل يعارض سياسيا رئيسه إداريا؟ وضع سوريالي لا يوجد بالتأكيد إلا بالمغرب.
لذلك، نجزم ان “المقاطعة” عرت السياسة و السياسيين بالمغرب، و بكل أسف أبانت أننا أمام أغلبية من الوصوليين الإنتهازيين و معارضة في “الإحتياط” مستعدة للإنقضاض على مكان الآخرين بأي ثمن … إلا من رحم ربي.