ملفات

ربورطاج.. في 2018, صحراويات لا زلن يبلحن خوفا من العنوسة

مهما تقلدن مناصب عليا بالبلاد، لا تزال نساء صحراويات كثيرات يلجأن ل “البلوح” أم ما يسمى بالتسمين أملا في الهروب من العنوسة و الحظي بفرصة الزواج من رجل صحراوي ميسور.

تندرج ظاهرة ” البلوح ” ضمن التقاليد الصحراوية الموروثة في جنوب المغرب. و بالرغم من تعايش الإنسان مع مختلف التطورات التي تشهدها البلاد على مختلف المستويات، إلا أن الموروث الصحراوي التقليدي يبقى حاضرا في وجدان وكيان العوائل الصحراوية .

بهذا الصدد, يؤكد لأوريزون تيفي ابراهيم الحيسن, و هو باحث في التراث الشعبي، أن فتيات بعض الأسر الصحراوية لا تزال تتعاطى لهذا الطقس لا سيما النحيلات منهن و ذلك بالرغم من حياة التمدن، باعتبار أن السمنة وفقا للمعتقد الشعبي المحلي بالصحراء، تعبر عن الرفاه و عن المكانة الإقتصادية للنساء الصحراويات. بل و أكثر من ذلك, تفرض العادات الصحراوية على الشبان المتقدمين للزواج إهداء ما يعادل وزن الفتيات الصحراويات ذهبا و حليا. و هذا ما يجعل عادة البلوح تأخذ كل أهميتها في العوائل الصحراوية كونها تغير “مستقبل الفتيات”.

أقوال شعبية صحراوية تعبر عن مكانة المرأة السمينة.

  • ” كلمت المرا كد كعدتها “.. أي أن كلمة المرأة تظل مسموعة بقدر سمنتها .
  • ” اسمينة وكلمتها امتينة ” .. أي سمينة وكلمتها متينة.
  • ” تكبظ من الخلاك ال تكبظ من الفراش ” .. وهو تقدير متلازم مع حجم بدنها.

طقوس الإستعدادات ما قبل الزواج

تعد فترة ما قبل الزواج من أهم الفترات و تتخللها مجموعة من المراحل التي تشرف عليها الأم، من بينها تعلم شؤون البيت بما في ذلك الطبخ والغسيل والإعتناء بالإخوة الصغار. و تحظى الفتاة, عندما تكبر , بعناية خاصة تتجلى عبر تزيينها وتسمينها وتوجيهها، بالإضافة إلى إخضاع تصرفاتها للمراقبة خوفا من ظهورها بصورة مخجلة أمام زوجها.

مراحلالبلوح

  • الإستهلاك الغذائي المبالغ فيه: ترغم الفتاة على استهلاك أكبر كمية ممكنة من الألبان الطرية غير ممزوجة بالماء، وتناول الكثير من اللحوم والأطعمة خلال فترة النهار.
  • الحكانة : يتم ضخ مياه البحر المبخرة داخل معدة الفتاة باستعمال أنبوب. فالصحراويون الذين يحافظون على هذه العادات يعتبرون أن هذه المياه تعمل على تصفية المعدة استعدادا ل ” البلوح “، وخلال هذه المرحلة تمنع الفتاة من الحركة والقيام بالأعمال المرهقة إلى أن يتبلد لحمها ويتعاظم شحمها ويزداد وزنها.
  • ضرب وتعنيف: إذا ما رفضت الفتاة الخضوع لمراحل هذه الظاهرة، تتعرض للضرب من طرف وصيفة تسند لها هذه المهمة، كما يتم اعتماد عدة أسالب عنيفة لإرغام العروس على الأكل والشرب.
  • المرحلة الأخيرةلبطط “: خلال التعاطي ل “التبلاح”, تظهر مجموعة من العلامات التي تدل على اقتراب اكتمال ” البلوح ” على جسد الفتاة ” المبلحة “. من أهم هذه العلامات بروز تشققات صغيرة ناحية رجلي الفتاة، مايدل على اكتمال عملية ” البلوح “، لتصبح السيدة محط أنظار وإهتمام الرجال.

أدوية التسمين خطرة

ظهرت مؤخرا طرق جديدة تبناها المجتمع الصحراوي للتبلاح, و هي عبارة عن مواد كيماوية على شكل “أدوية”. بخذا الصدد, يؤكد الدكتور الصيدلي حسين داحي في اتصال مع ” أوريزون تيفي ” أن الأدوية الكيماوية المستعملة من طرف النساء الصحراويات بهدف التسمين، لها جوانب سلبية خطيرة على الصحة أهمها هشاشة العظام.

مع ذلك, فهذه الأنواع من الأدوية تحظى بإقبال كبير من طرف السيدات الصحراويات بالخصوص، نظرا لمفعولها السريع في زيادة الوزن.

و صرح الدكتور بأن المواد المستعملة للتسمين تنقسم بين ما هو طبيعي وبين ما هو كيماوي، علما أن:” الأدوية الطبيعية للتسمين مصادق عليها من طرف وزارة الصحة، كما أنها غير مضرة مقارنة مع المنتوجات الكيماوية. أما أثمنتها فمرتفعة “. و يحذر الدكتور من الخضوع ل ” الحكانة ” التقليدية نظرا لخطورتها على صحة المرأة، بسبب الإعتماد على مواد غير معقمة.

آراء متضاربة


في ظل هذه العادات و التقاليد، تفضل بعض الفتيات أن يظهرن بقوام رشيق. ” زينبو” هي إحدى هته الفتيات و قد شرحت اختيارها لأوريزون تيفي كالتالي “: مانلا ندور نبكى ركيكة بيا مانضور يحكمني السكر “، أي أفضل أن أكون رشيقة تفاديا للإصابة بالسكري. ” عبيدة ” بدورها تضيف :” دريك التركة ما يضورو طفلة اسمينة عادو يلودوا على الطفلات الركيكات “, أي أن بهذا معظم الرجال في هذا العصر يفضلون الفتاة الرشيقة بدل السمينة .

بينما تظل شابات أخريات, و بالرغم من صغر سنهن وثقافتهن, يفضلن الحفاظ على العادات والتقاليد. وتقول ” فنيدو ” :” الطفلة منين ما تعود سمينة ماهي صالحة لشي وكلمتها ماهي مسموعة ” أي الفتاة النحيفة لا تصلح لأي شيء وكلامها متاجهل. و تضيف” مكبولة ” أن ” الطفلة اسمينة لهي تعرس بالعجلة ماهي كيف الطفلة الركيكة ” أي الفتاة السمينة ستتزوج بسرعة مقارنة مع الفتاة النحيفة.

لجميع شعوب العالم عادات وتقاليد تكون بمثابة الموروث الشعبي المتناقل من جيل إلى جيل، هناك من تخلى عنها بدعوى رجعيتها وعدم مواكبتها للعصر، وهناك من تشبث بها بحجة الاصل والتاريخ والثقافة، وبينهما تيار ثالث حاول التوفيق بين الاصالة والمعاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى