ملفات

أي نموذج اقتصادي بالمغرب؟ خبراء وفاعلين سياسيين يجيبون

 
 
النموذج الاقتصادي الناجع، المشاكل الاقتصادية والسياسية، الحلول الممكنة لحل أزمة سياسات اجتماعية قاصرة، وبلد يعيش بوثيرتين… كل هذا, ومواضيع أخرى, كانت محط نقاش خلال ندوة نضمها حزب التقدم والاشتراكية، أمس الخميس، بحضور ثلة من المختصين في مجال الاقتصاد و فاعلين سياسيين.
 الندوة السياسية التي أطرها الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، حضرها كل من الوزير المعين مؤخرا على رأس وزارة التعمير والإسكان و سياسة المدينة، عبد الأحد الفاسي الفهري، و عبد العالي دومو الخبير الإقتصادي والرئيس السابق لجهة مراكش-تانسيفت-الحوز، ثم  الخبير في الإقتصاد محمد بنموسى، و إدريس الازمي الإدريسي رئيس الفريق البرماني لحزب العدالة والتنمية.
   
بالنسبة لعبد الأحد الفاسي الفهري, عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، فالفاعلين السياسيين اليوم يتوافقون على أن البلد تعاني ظاهرة الفشل والإخفاق. ثم يستدرك السياسي ليقول أنه بالرغم من تحقيق عدة إنجازات في مجالات عديدة كالمجال الاقتصادي، إلا أنه لازال لم يحقق نجاحا يذكر في المجالات الاجتماعية كالتشغيل و محاربة الفقر، مضيفا أن نسبة النمو الذي يعرفه المغرب، يعتبر غير كافيا: “يكفي أن نلاحظ عدد مناصب الشغل التي توفرها البلد، وهو عدد هزيل بالنظر إلى الفئة الباحثة عن عمل، كما أن المغرب لم يستطع بشكل كاف مواجهة مخاطر العولمة”. كما يرى عبد الأحد الفاسي أن المغرب حقق إنجازات اقتصادية و مالية، إلا أنها لم تكن ذات أثر واضح على الحياة المعيشية للمواطن.
 
و في معرض حديثه أكد على ضرورة التصنيع بمفهومه الحقيقي كمنضومة تنطلق من التكوين لتصل إلى  الإبداع في البحث العلمي، مقترحا كحل للخروج مما أسماه “اقتصاد الريع”، مراجعة السياسات الاجتماعية. “ولا يجب أن نعتبرها سياسة تداركية”، يقول الفاسي, مشددا على ضرورة الاهتمام بالقطاع العام والدفاع عن المرفق العام كالصحة والتعليم، ثم الاهتمام  بالبعد الايكولوجي والتحسيس بتحسين علاقة الإنسان بالبيئة، قبل محاربة الريع.
 
 
إدريس الازمي الإدريسي، بدوره، دق ناقوس الخطر، بخصوص الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه البلد: “اليوم نجتمع لنقول أننا وصلنا للسقف من ناحية النمو و إمكانية الاستثمار والاستدانة. وصلنا للسقف حيث لم يعد لدينا مصادر للثروة”.
 
و شدد الأزمي على ضرورة  التفكير بعمق لتشخيص ما وصلنا اليه، ف”محدودية النموذج التنموي حسب كل التقارير سواء الدولية أو الوطنية تتفق على أن هناك عطب متعلق بالانتاجية”، متسائلا عن كيفية تحرير الطاقات البشرية و معترفا بوجود عقبات وعراقيل سياسية إضافة إلى أخرى على المستوى الاقتصادي، وبافتقاد البلد للمبادرة الحرة. كما أكد الأزمي على وجود عقبات توضع في طريق المستثمر، مسترسلا بالقول أن نظامنا يعيش تناقضات على عدة مستويات، وأضاف أن النموذج التنموي المغربي غير مبني على كفاءات، معبرا عن أسفه على غياب النقاش بين كل الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني: “نعيش مشكلا على مستوى التخطيط الاستراتيجي، الذي يجب ان يشارك فيه كل القوى والمؤسسات”. و دعى الأزمي الفاعلين على تملك الأمر فيما يخص مسألة الثروة، و إلا “سنبقى في معدلات نمو لا تستجيب لمتطلبات المغرب، لذلك المسؤولية يتحملها جميع الوطنيين في هذا البلد”.
 
“اليوم نجتمع لنقول أننا وصلنا
للسقف من ناحية النمو و
إمكانية الاستثمار والاستدانة.
وصلنا للسقف حيث لم يعد لدينا مصادر للثروة”.
 
إدريس الازمي الإدريسي, رئيس الفريق البرماني لحزب العدالة والتنمية.
 
من جهته, قال عبد العالي الدومو بناء على خبرته كرئيس سابق لجهة مراكش-تانسيفت-الحوز أن هناك إشكالية تتعلق بنمط التنمية الاقتصادية الاجتماعية: “نطمح إلى نموذج ينموي معين، لكن ما يتواجد على أرض الواقع ليس نموذج و إنما نمطا اقتصاديا و اجتماعيا محدودا”. و يضيف ذات المتحدث أن  هذا النمط هو نتاج مسار وطني يهيمن عليه اقتصاد الريع، الذي يغدى من السياسات العمومية”.
و تساءل الدومو عن المستفيد من المخططات الاستراتيجية، و كيف و عبر أي آليات تكون هذه الاستفادة. فكان السؤال: “نحن نطمح اليوم فقط ليكون اقتصادنا ليبراليا، يرتكز على تكافؤ الفرص و التوزيع العادل للثروة”.  حسب الدومو, “كلنا نعلم ان هناك ممارسات تحلل الدعم العمومي… من استفاد من خوصصة الأراضي الفلاحية؟ و من يستفيد من الانتاجات؟”. فهو يؤكد:” إننا نعاني من مشكل تدبير الاستثناءات، هناك قنوات تضغط لإعطاء الاستثناءات لمجموعات معينة”، مضيفا:” علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، ونقوم بتشخيص علمي يساهم في إنماء البلاد”.
وأضاف المتحدث:” اليوم عندنا ضعف الخدمة العمومية رغم حجم الاستثمار العمومي، ورغم الاعتمادات التي ترصد والتي تقدر ب190مليون درهم”، وزاد قائلا:” لدينا ضعف الدولة الترابية، فهناك دولة مركزية، لها قانون مالية وصناديق والعديد من الآليات للعمل، وهناك الدولة الترابية و هي المؤسسات المسؤولة عن السياسات العمومية داخل تراب معين”. فبالنسبة لعبد العالي الدومو,” لدينا أزمة مسؤولية، الدولة الترابية ضعيفة، لأنه لا يوجد مسؤول ترابي، بل لدينا مجموعة مؤسسات كلها مسؤولة ولا أحد مسؤول في نفس الوقت، الجماعات الترابية تدبر 10 في المئة من موارد التدبير الجماعي، وتسعين في المئة تبقى في يد الدولة”.
 
” إننا نعاني من مشكل تدبير الاستثناءات،
هناك قنوات تضغط لإعطاء
الاستثناءات لمجموعات معينة”
عبد العالي دومو, خبير إقتصادي و الرئيس السابق لجهة مراكش-تانسيفت-الحوز
 
أما عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، عبد الواحد سهيل، فقد استهل حديثه بالتساؤل عن أسباب العطب الذي يعيشه البلد، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية و الاجتماعية، وقال: ” ليس هناك نموذج اقتصادي في البلد، بل كانت هناك سياسات عمومية واختيارات .. فقد قمنا بمحاولة تطوير الفلاحة والسياحة، فسقطنا في مشكل سياسي، حول من يسير و كيف يسير، فتكونت طبقة سياسية للمقاولين”، يقول المتحدث.
 
و خلص المحاورون على ضرورة  تعبئة كل المكونات، مع التركيز على دور المواطن كفاعل أساسي و كمركز لكل السياسات العمومية، و ضرورة احترام الإرادة الشعبية و الإنصات لنبض الشارع، و أهمية تطوير التعليم الصحة وآليات الارتقاء الاجتماعي، ثم الجانب المؤسساتي، و احترام حرية المبادرة والتنافسية، و تحديد مسؤوليات المؤسسات وحل مشكل اتخاذ القرار على المستوى المحلي.
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى