الاتحاد الاشتراكي للعدالة و التنمية
بعد ستة أشهر من الشد و الجذب، خرجت التشكيلة الحكومية للوجود بعد أن توقفت البلاد مدة 160 يوما عرفت فيه البطالة أرقاماً قياسية، وبلغت آلاف المقاولات حافة الإفلاس، و توقفت الأوراش، و جمدت الصفقات العمومية، و أوقفت الحكومة تسديد ديونها و صارت البلاد في وضع شلل اقتصادي. لذلك، واهم، حتى لا أقول كاذب، من يعتقد أن البلاد ستتجاوز حالة البلوكاج الذي عاشته دون خدوش لانها فقدت ملايير الدراهم و آلاف مناصب الشغل و استثمارات حولت وجهتها.
لكن بعد كل هذه الخسائر، تقرر أخيرا قبول انضمام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد عدة أشهر من الممانعة، لأن الزمن السياسي و الاقتصادي بالمغرب يساوي صفرا بل أصفارا. و بطبيعة الحال مسؤولية حزب العدالة و التنمية ثابتة و قائمة لانه هو المخول له تدبير المشاورات ولأنه هو من كان باستطاعته تشكيل الحكومة منذ الأسبوع الاول بعد التكليف الملكي يوم 10 أكتوبر 2016 و هو من اختار أن ينتظر أحزابا بعينها و ينحني تباعا لشروطها.
و منذ اليوم الاول، كانت الأمانة العامة للحزب تصدر بيانات مساندة لمنهجية عبد الاله بنكيران بما فيه رفضه التام لانضمام الاتحاد الاشتراكي. و اليوم هي نفس الأمانة العامة، و بتفويض من المجلس الوطني، التي مهدت الطريق لسعد الدين العثماني لضم الاتحاد الاشتراكي والإعلان عن ذلك و في خلفيته رموز الحزب، الرميد و يتيم و العمراني، و بالتالي فإن حزب العدالة و التنمية بهياكله و مؤسساته مسؤول عن ما اتخده من قرارات، حتى لا يقال بعد ذلك أن فلان أو علان هو من خذل الحزب.
الدرس في ذلك و ما سيحتفظ به التاريخ في هذا المسلسل الرديء هو أن من بقي تابث على موقفه منذ الثامن من أكتوبر 2016 هو عبدالاله بنكيران و عزيز أخنوش و إلياس العماري. الاول قال للجميع بأنه لن يقبل الاتحاد الاشتراكي في حكومته و بقي على كلمته وفيا حتى أنه ضحى بكرسي رئاسة الحكومة من أجل ذلك. الثاني اشترط إبعاد حزب الاستقلال و الدخول بتركيبة رباعية فكان له ذلك دون أن يقدم أدنى تنازل. الثالث خرج ببلاغ بعد 24 ساعة من نتائج الانتخابات يعلن تموقع الحزب في المعارضة، و بقي على موقفه تابثا حتى و هو يشرب الشاي مع سعد الدين العثماني !
الآن صار المشهد واضحا و هو اعتماد المنطق العددي على حساب التجانس و الفعالية و هذا ما ستؤكده الأيام. أما المعطى الثاني فهو غياب المعارضة إلا اذا اختار البام تحويل معارضته لبنكيران الى معارضة الأغلبية الحكومية. أما حزب الاستقلال فقد سبق وأعلن عن مساندته النقدية إلا إذا نكث العهد الذي قدمه لبنكيران عندما كان مكلفا و اعتبر إعفاء هذا الأخير بمثابة إعفائه هو كذلك من تعهده.
الخلاصة هي أننا سنعيش فصولا سياسية بلا طعم و لا ملح في سيناريو سينفر المغاربة من السياسة و الانتخابات و كل ما له علاقة بذلك!
جورج أرويل قال : ” السياسيون هم كقردة في الغابة. عندما يتشاجرون، يدوسون الزرع، و عندما يتصالحون يأكلون الحصيلة”.