إفتتاحية سمير شوقي
حوار مع متسول .. مواطنون بلا كرامة
ظاهرة التسول إحدى ظواهر التخلف الضاربة للأسف في عمق النسيج الإجتماعي المغربي.
لا يمكن ان تمر من شارع او ان تتوقف عند ناصية الطريق او إشارة مرورية دون ان تتسابق اتجاهك أيادي المتسولين. لقد صارت الرياضة الأولى بالمغرب، تخدش صورة البلد و تمجب المتخادلين.
لكن الخطير في الظاهرة انها صارت تستهوي الشباب و اليافعين. و القول أنهم لا يجدون عملا فيلجاون لذلك ق ل مغلوط و مردود عليه.
قبل أيام، قصدني يافع يبلغ بالكاد 16 او 17 سنة طالبا صدقة بطريقة شبابية :
– “عمي، ضبر علي”.
-” ماذا تريد بالضبط”.
-” شي دريهمات باش ماسخاك الله”.
-“لاش بغيتيهم؟”.
– بغيت ناكل”.
– لكن انت صغير السن و قوي البنية، بإمكانك الإشتغال”.
– “ما كايناش الخدمة”.
– اللي ماكايتشرطش .. كايلقا الخدمة .. على الأقل باش ياكل”.
– “والو أ عمي ما كاينش”.
– واش الحل هو تبقى تسعى، تمد يديك، تقتل الكرامة فقلبك، راه يستحيل نبنيو بلاد بناس بلا كرامة”.
-“إيوا عاونا أعمي بشي درهم”.
هو حوار عابر من دقيقتين، لكنه دال على ان الوطن أنجب مئات الآلاف من الخارجين من أي منظومة، يعولون على الآخر، قتلت فيهم أي بذرة للكرامة، و هذا هو الخطر الداهم الذي يهدد بناء و استقرار الوطن.
و في الأخير، أشد بحرارة على تلك المراة الثلاثينية التي مرت أمامنا و هي تقود دراجة ثلاثية محملة بالخضر …تشتغل بعرق جبينها، بكرامة وعزة نفس، و لم تستسلم للسهولة و “للسعاية”.