إفتتاحية سمير شوقي

المعركة الخاسرة للأحزاب‎

مرة أخرى تأبى نتائج الإنتخابات الجزئية إلا أن تعري على واقع سياسي بئيس لايمكن بحال من الأحوال إلا أن يكرس إحباط المواطن المغربي.

بين تطوان وسطات  انكشفت الأمور وتأكد ما ذهب إليه  بعض المحللين السياسيين عقب واقعة “البلوكاج” من كون  السياسة بالمغرب قد ماتت، وليس في هذا أدنى تبخيس للعمل السياسي كما يذهب لذلك مسؤولو الأحزاب، والذين عليهم أن يبحثوا عمن يبخس العمل السياسي حقا دونما حاجة لنسبه إلى المبني للمجهول كما يفعلون دوما في هروب للأمام لم يعد ينطلي على أحد. أما المواطن وهو المبني للمعلوم الذي يبدو وقد فهم اللعبة وأرسل إشارات واضحة بذلك في مناسبتين، هاهو قد ترك الجمل بمن حمل و نسبة المشاركة في جزئيات تطوان يجب أن تخجل كل الطبقة السياسية. فمن أصل 230 ألف مسجل لم ينتقل لمكاتب التصويت سوى 14 ألف ناخب أي بالكاد 6%، وهي أقل نسبة مشاركة في جزئيات مغربية، والتي لا يمكن مقارنتها بالانتخابات العادية حتى لا يخرج لنا البعض بهذا التبرير التقليدي! المؤشر السلبي الآخر هو اختيار حوالي ألفي ناخب رمي أوراق بيضاء في الصندوق أي 14% من أولئك الذين تكبدوا عناء التنقل لمكتب التصويت، وهذه إدانة أخرى واضحة للعملية في شموليتها. أما في سطات، فقد كان إنزال المال بكثافة عنوان آخر لإفساد العملية الانتخابية واعتبار المواطن مجرد آلة لحصد الأصوات يتم تعطيلها بمجرد باستعمالها كالعازل الطبي!  

في تحليل النتائج،  يبدو أن البام نزل بكل “ثقله” ليفوز بمقعد سطات بعد أن توالت خسائره إثر إسقاط المجلس الدستوري لعدد من مقاعده مما جعله ينزل تحت عتبة المائة مقعد برلماني. و الرقم هنا دون دلالة مادام الحزب راهن على الرتبة الأولى قبل سنة و استعمل من أجل ذلك كل الأساليب منها استقطاب أعيان و رجال أعمال، والذين ما إن تبينت خيوط الهزيمة حتى انفضوا من حول الحزب و غابوا باستمرار عن جلسات البرلمان و معارك الحزب الداخلية.

بتطوان، يعتبر استرجاع إدعمار الفوز الأكثر مرارة بالنسبة لحزب العدالة و التنمية و ذلك لعدة اعتبارات. أولا، تخلى المصباح عن مبادئه عندما أعاد ترشيح منتخب أعلنت المحكمة الدستورية أنه غش في الاستحقاق السابق. ثانيا، تورط بنكيران في هذه العملية و هو يزكي غشاش و إن كان قد تفادى في آخر لحظة كارثة اللقاء الانتخابي المفتوح الذي كان سينشطه بتطوان لدعم مرشح غشاش و يراهن بالتالي بمصداقيته. ثالثا، الفوز بحصيلة جد متواضعة رغم انسحاب كل الأحزاب، عدا فيدرالية اليسار التي حققت تقدما واضحا، و هو الانسحاب الذي يكرس بؤس السياسة بالمغرب.
الآن، الرهان على 2021 رهان خاسر بالنسبة لكل الأحزاب إذا لم تراجع أساليبها و إذا ما استمرت في احتقار ذكاء المغاربة، وللأسف لا يوجد أي مؤشر لذلك. 

فأكبر الأحزاب بالمغرب تتأرجح  حالا بين من يعتمد تزكية الغشاشين، و من يستمر في المساهمة في إفساد العملية الانتخابية، و من يراهن على  استعمال الأموال، و استقطاب فاسدين متورطين في قضايا اختلاسات، قضاياهم أمام المحاكم، مع إن الحزب يدعي المعقول و الواقع أنه يضحك على العقول!

هكذا يبخسون العمل السياسي و يأتون بعد ذلك ليتباكوا بداعي تعمد جهات، لا يجرؤون على ذكرها، بتبخيس العمل السياسي و ضرب استقلالية القرار الحزبي في الصميم.

“شطبو باب داركم” أولا وبعد ذلك خوضوا معارك الاستقلالية والديمقراطية بكل جرأة. إذ ذاك ستجدون المواطن ذخرا وسندا لكم، لأن الديمقراطية هي المعركة الأسمى للوطن والتي  يخوضها الآن المواطن لوحده…للأسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى