إفتتاحية سمير شوقي
دروس “المقاطعة”
تدخل حملة “المقاطعة” التي أطلقها ناشطون على شبكة التواصل الإجتماعي أسبوعها الثاني، ولا يبدو أنها بدات تخف، و بالتالي يجب التعامل معها بجدية كبيرة واستخلاص دروسها.
و يبدو ان دروسها الأساسية إلى اليوم خمسة يمكن تلخيصها كالآتي :
أولا، هناك رأي عام، بغض النظر عن كونه واقعي او افتراضي، يمكن ان يترجم بسهولة مبادرات على الويب إلى تطبيق على أرض الواقع. و التجارب السابقة، ابتداء من حركة 20 فبراير، تؤكد ذلك بالملموس.
ثانيا، يبدو أن الطبقة السياسية لم تستوعب بعد هذا المعطى وتتعامل مع الشبكات التواصلية على أنها عالم افتراضي مقطوع عن العالم الواقعي، في حين أن الأول مكمل للثاني، وقد يكون مؤثرا في الواقع أكثر من كل مبادرات الأحزاب.
ثالثا، هناك فعلا مشكل تواصلي بالمغرب سواء بالأحزاب او المؤسسات. و هكذا لاحظنا خروجا إعلاميا غير موفق لمسؤولين عن المؤسسات المعنية بالإضافة لوزير الإقتصاد و المالية، خروج إعلامي كان المفروض فيه أن ينزع فتيل الأزمة لا أن يعمقها. كان على المؤسسات المعنية أن تشكل خلايا أزمة قبل اي تصريح و تدرس حركة المقاطعة جيدا و تضع تصورا تواصليا يشرح و يبرر و ينزل من برج عاجي هو سبب الأزمة.
رابعا، بينت هذه الأزمة بالواضح غياب جمعيات حماية المستهلك بشكل جلي و اتضح أن الجمعيات الناشطة في هذا المجال هي مجرد دكاكين دون تأثير في المجتمع، إذ كان لافتا استمرار غياب أي رد فعل مهما كان و لا اي دعوة لحوار بين المستهلكين و العلامات التجارية المعنية.
خامسا، إن غياب او تغييب مجلس المنافسة و امتناع الحكومة من مده بآليات الإشتغال تشكل واحد من أسباب هذه الأزمة. إذ لو اضطلع هذا المجلس بدوره الدستوري لما بلغنا مستوى الشك في تواطؤ شركات في قطاعات بعينها و كان المجلس قد كبح جناحها في حينه، لكن هناك من لايريد لهذا المجلس أن يشتغل وفق ما خوله له الدستور. انطلاقا من هذه الخلاصات، يمكن ان نجزم من حركة “المقاطعة” أنه رب ضارة نافعة و أنه إذا استخلصت دروسها سيكون الرابح الأكبر منها هو …المغرب.