إفتتاحية سمير شوقي

ما بعد الزلزال

 القرارات الملكية تعطي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المعنى الحقيقي لما نص عليه الدستور. فبعد ست سنوات من إقرار دستور 2011، اعتقد البعض أن لا حساب ولا عقاب في هذا البلد، فطغى بعض المسؤولين الحزبيين و الإداريين و صاروا يعيثون في البلاد فسادا.
الآن، بعد هذا الزلزال السياسي الذي من شأنه أن يجعل الكثيرين يتحسسون “جنابهم” يحب أن يكون الحلقة الأولى من مسلسل تخليق الحياة العامة التي تميعت بشكل خطير حتى تم التطبيع مع الفساد. و من أوجه هذا التطبيع، أن الدولة بكل آلياتها صارت تتجاهل، حتى لا نقول تحتقر، كل ما يصدر في الصحافة الوطنية من فضائح و اختلالات تهم شخصيات سياسية و إدارية، معززة بالحجة و الدليل. لذلك سيكون للوكيل العام للملك، الذي تخلص مؤخراً من وصاية الجهاز التنفيذي، دورا كبيراً في تخليق الحياة العامة عبر تحريك آليات المتابعة في قضايا الفساد و خاصة القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام. فمن حق دافعي الضرائب أن يعرفوا الصواب من الخطأ في قضايا الفساد التي تنشرها الصحافة و التي يجب أن تتعامل معها النيابة العامة بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، بما في ذلك متابعة من يتبث في حقه نشر أخبار كاذبة.
و مسؤولية الأحزاب السياسية تابثة، فإذا لم تلتقط الإشارة الملكية بشكل دقيق فسنقرأ السلام على السياسة بالمغرب. لأنه في الوقت الذي تتهم أوساط حزبية جهات ما بتبخيس الحياة السياسية فهي لا تعطي المثال في النزاهة و الشفافية و اعتماد القيم المثلى للبلد. فمن منا لم ير قياديين سياسيين جعلوا من بيع التزكيات لمن يدفع أكثر أصلاً تجارياً للاغتناء غير المشروع. و بعضهم فضح بعضهم مؤخراً في مشهد مقزز.
 
و من منا لا يلاحظ بقرف كيف تستقطب أحزاب أصحاب “الشكارة” ولا يهم أن يكونوا من أصحاب السوابق كمن أسقطت عضويتهم البرلمانية مؤخراً لسوابقهم في الإتجار بالمخدرات. و كيف تثق في أحزاب تسقط بالمظلة أشخاصاً مباشرة في مكاتبها السياسية رغم أنهم متابعون قضائياً في قضايا اختلاس أموال عمومية.

في الدول التي تحترم فيها الأحزاب و الحكومات مواطنيها و ناخبيهم، بمجرد ما يفتح النائب العام تحقيقاً يجبر الحزب عضوه أو الحكومة وزيرها على الإستقالة ضماناً لاستقلالية مسار العدالة. 
أتمنى أن يخرج حزب ما ليعلن تجاوبه مع المبادرة الملكية و ينظف باب بيته من الشوائب و يطرد كل المتابعين قضائياً من صفوفهم أو حتى أولئك الذين تحوم حولهم شبهات باختلاسات و مازالوا “يخرجون” أعينهم في الرأي العام ولا يخفون احتماءهم في تحت المظلات”.
 
إن لغداً لناظره قريب، و سنعرف الأحزاب الحقيقية من أوراق الخريف…الخريف الذي اختاره الملك لبداية صفحة جديدة من الحكامة بالمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى