إفتتاحية سمير شوقي
الأولويات ضاعت بين البغرير و الملايير
نقاش كبير هذا الذي يعرفه المغرب بخصوص استعمال كلمات بالدارجة في مناهج دراسية. و الواقع أن المصيبة لم تكن في استعمال بعض الكلمات من العامية لكن اختيار مفردات بلا قيمة مضافة كان هو الطامة الكبرى.
لكن دعونا نناقش أمر المنظومة التعليمية بعيدا عن لغة “البغرير”، التي أرادت الوزارة أن تبرره فزادت استنكار الراي العام وصبت الزيت فوق النار و كأن البعض يريد ان يهرب النقاش الحقيقي حول فشل منظومة التعليم و تحديد المسؤوليات.
ما يجب معرفته هو كون صفقات المناهج التعليمية تبلغ الملايير، لذلك يتعمد تغييرها كل سنة حتى ان بعض المناهج لا يغير منها سوى بضع صفحات و ذلك لأغراض تجارية صرفة. ففي الوقت الذي يكسب فيه البعض الملايير، تصم الأذان و تغمض العيون عن أي مراقبة و محاسبة.
و لأننا في بلد فيه ربط المسؤولية بالمحاسبة شعار كبير تم وضعه للإستهلاك و دغدغة المشاعر، فإن المجلس الأعلى للحسابات و مفتشيات الوزارات المعنية و المجلس الإجتماعي و الإقتصادي، لا يولون أدنى اهتمام لمشاريع إصلاح منظومة التعليم التي تم تسويقها بالبلاد منذ ربع قرن و تستنزف ملايير الدراهم دون حسيب ولارقيب في حين لا تحصد سوى الفشل بعد الفشل.
و فقط خلال فترة تولي أحمد أخشيشن مسؤولية وزارة التعليم بين 2007 و 2012 تم استهلاك 43 مليار درهم أي 5 مليار دولار و هو ما يناهز 5 من الناتج الداخلي الخام، في ميثاق إصلاح التعليم. فلا التعليم تم إصلاحه و لا هاته الأموال الضخمة عرف أين صرفت ولا تمت معاقبة المسؤول عنها و لا اهتم مجلس جطو، مجرد اهتمام، بعشرات المقالات التي تكتبها الصحف بهذا الخصوص.
و مازالت كلمات البرلماني اللبار عن حزب الإستقلال تزلزل البرلمان و هو يتوجه لرئيس الحكومة قائلا “إن أزيد من 119 مليار تم نهبها من مشروع إصلاح التعليم ولا شيء تم إصلاحه”، و مازالت مداخلته تجني الكثير من المتابعات على اليوتوب، دون ان يكون لها أي وقع على مسؤولينا.
فعن اي ربط للمسؤولية بالمحاسبة تتحدثون … ؟
نريد إصلاحا حقيقيا لإنقاذ جيل 2030 و ما بعده… أما اطفال الجيل الحالي، فلهم و لذويهم الله!