الإنسجام المفترى عليه
بعد ستة أشهر من الإنتظار الممل، تتشكل أخيرا الحكومة بما لها و عليها. فبعد حرب تجاذبات المواقف و تراشق الخطابات المستفزة، تخرج تركيبة العثماني ب 39 وزير، تماماً كسابقتها، لتشكل أولى الخيبات، بحيث طغت المصلحة الضيقة للأحزاب على الجودة و النجاعة. أما حزب العدالة و التنمية فصار قصير الذاكرة و يتنازل عن التزاماته الواحدة تلو الأخرى.
فبعد أن قنع بالفتات من خلال وزارات هامشية ميزانية نصفها لا توازي حتى ميزانية جماعة دار بوعزة أو جماعة مولاي يعقوب، قبل منطق توزيع الكعكة الذي حذر منه الملك في خطاب دكار. فحكومة من ستة أحزاب لا يمكنها سوى أن تفرز هكذا نتيجة لإرضاء الخواطر و بالتالي لا يمكن أن تسفر عن تجانس مثالي لتسريع قيادة الأوراش و المصالح. فبعيدا عن الخطابات الرسمية و الجمل الركيكة، ننتظر الآن ، و قد خرجت التركيبة السداسية للعلن، جوهر البرنامج الحكومي.
و بهذا الصدد، بإمكان كل واحد أن يتصفح البرامج الإنتخابية للأحزاب، و هي مازالت في أرشيف المواقع الرسمية للأحزاب مع التمني بعدم حذفها، و سيلاحظ الفرق الشاسع بين برنامج البيجيدي و برنامج الاتحاد الإشتراكي، على سبيل المثال لا الحصر. فالحزب الذي كان حاكما قدم برنامجا مرتكزا على مواصلة “ما تم إنجازه” فيما الإتحاد الإشتراكي، الذي كان معارضا، أبرز في وجه العدالة و التنمية 555 كفى. ادريس لشكر عابشدة في خطبه مشروع إصلاح التقاعد و طالب بالتخلي عنه، واعتبر إلغاء صندوق المقاصة ضربا للقدرة الشرائية، هل هو نفسه الذي سيأتي للبرلمان ليدافع عن ما يعتبره البيجيدي أفضل إنجازاته أم سيبقي رجل هنا و رجل هناك و يعمد لانتقاذها حتى و هو في الحكومة حتى لا يقدم هدايا للعدالة و التنمية. و إذا فعل ذلك، ألا يضر بمصالح حليفه الأبرز، التجمع الوطني للأحرار، الذي له الفضل عليه في رئاسة البرلمان و الدخول للحكومة؟ فأين هو الإنسجام المبحوث عنه منذ نصف سنة و الذي قادنا لوضعية بلوكاج تاريخي بكلفة اقتصادية جد مرتفعة. لكن السياسة بالمغرب عودتنا على ساسة يتقنون التصريح بالشيء و فعل العكس تماماً دون أن يشكل لهم ذلك أدنى حرج، و في هذا “الإنجاز” ما في القنافذ أملس
!
فانتظروا إذن أن تغير الوردة شعارها المزلزل “555 كفى” و الذي منحها 4,5٪ من مقاعد البرلمان فقط لا غير، لشعار “1111 نعم” من أجل المصلحة الوطنية العليا، و كفى الله المناضلين شر القتال.