درس في السياسة
السياسة بالمغرب صارت أكبر كذبة.
كل ما يدور في فلكها يدل على نفاق و جبن طبقة تخلت عن دورها واستبدلت شعاراتها النضالية ووعودها للقوات الشعبية بأجندة مصالح مادية تحكمها علاقات في الغالب مشبوهة او على الأقل لا رابط لها.
و تصادف هذه الأيام ذكرى وفاة واحد من آخر زعماء البلد و هو المناضل الكبير و السياسي المحنك عبد الرحيم بوعبيد مؤسس الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.
الرجل يعتبر مرجعية سياسية يجب على كل والج للسياسة أن يدرسها و يطلع على أبجديات العمل السياسي من خلالها.
السي عبد الرحيم، كما دأب على مناداته قادة و مناضلو الإتحاد، كان يقدس العمل السياسي بنضالاته و معاركه ولم يكن يتوان في تأدية الثمن كلما كان ذلك ضروريا. فالرجل لم يتردد في القول “لا” علانية للحسن الثاني وهو ولي للعهد ثم وهو ملك.
في نهاية الخمسينيات والسي عبد الرحيم وزير للإقتصاد والمالية و هو في الثلاثينيات من عمره رفض ضمن حكومة الصف الوطني إملاءات ولي العهد و فضل مع زملائه التخلي عن المناصب الحكومية والإصطفاف في المعارضة.
بعد أزيد من عشرين سنة من ذلك، و تحديداًً في بداية الثمانينات، وهو في المعارضة هذه المرة، واجه الحسن الثاني عندما قبل هذا الأخير الإستفتاء حول مغربية الصحراء، و هو يعرف أن الملك الراحل كان لا يطيق من يقول له “لا”. كان دافع بوعبيد هو التشبت بمغربية الصحراء و رفض مقترح الإستفتاء، فواجه برأس مرفوع النفي و السجن، والكل يعرف بقية الحكاية!
في هذه الأيام التي نترحم فيها على روح واحد من أبناء هذا الوطن الذين خدموا شعبهم من مختلف المواقع بنفس الروح الوطنية وبنفس العزة والكرامة وفي زهد بين عن المناصب والمكاسب، لا يسعنا إلا أن نترحم كذلك على السياسة في زمن “عطيني نعطيك”، و إنا لله و إنا إليه راجعون.