إفتتاحية سمير شوقي
القراصنة الجدد
قضية الصحراء المغربية تدخل منعطفاً آخراً بعد أن عمل خصوم وحدتنا الترابية على فتح جبهات متعددة في نفس الوقت من أجل تشتيت تركيز المغرب.
ففي الوقت الذي يعرف اتفاق الصيد البحري بين المغرب والإتحاد الأوروبي مداً و جزراً، نطق “قضاء” جنوب إفريقيا، بدون مفاجأة، حكما يناصر جبهة البوليزاريو في قضية احتجاز سفينة الفوسفاط المغربي، بينما تتم هناك تسخينات لخلق مشاكل للإنفاق الفلاحي كذلك.
بخصوص اتفاق الصيد البحري، يحظى المغرب بشبه إجماع دول الاتحاد الأوروبي، عدا السويد، لأن هاته الأخيرة تعرف أن المبلغ الذي يتقاضاه المغرب زهيد إذ لا يتجاوز 40 مليون دولار لكنها تراعي مصلحة عشرة آلاف صياد إسباني مهددون في رزقهم لو قرر المغرب إيقاف تنفيذ الإتفاق. لذلك المغرب مطمئن بشأن هذا الملف و يعرف جيداً أن حلفاء البوليزاريو بالبرلمان الأوروبي يفتقدون الدعم مادام المتضرر الرئيسي طرفاً في الاتحاد الأوروبي و هو اسبانيا.
ولأن الأوروبيين منافقين لا يأبهون سوى بمصالحهم، فإن السلطات المغربية تعرف جيداً ذلك، انطلاقاً من تجارب سابقة، و تصر على أن اتفاق الصيد البحري يا إما كاملاً شاملاً لأقاليم المغرب الصحراوية يا ليس هناك اتفاقاً من الأصل، بمعنى لا يمكن أن يسري على أقاليم الشمال فقط فالأراضي المغربية لا تتجزأ. تصوروا أن الأوروبيين الذين يدافعون عن اتفاق الصيد البحري دون تحفظ هم نفسهم من ينساقون وراء ترهات المحكمة الأوروبية التي تصر على تجزيء المغرب وفصل اتفاق الصيد البحري بين شمال و جنوب المملكة.
المغرب نزل مؤخراً بكل ثقله عندما أوفد وزيري الخارجية و الفلاحة للتفاوض مع المفوضية الأوروبية ، و ذكرهم بالسياقات التاريخية لاتفاقية الفلاحة و وضع المغرب كشريك متقدم، و بأن المغرب لا يمكن أن يقبل بقرارات المحكمة الأوروبية لأنها غير عادلة. هاته الأخيرة ستقول كلمتها بعد يومين و من المنتظر أن يكون القرار محرجا لأن أعضاء الإتحاد الأوروبي سيجدون نفسهم بين احترام أعلى سلطة قضائية بالمغرب و الحفاظ على مصالحها الإقتصادية مع واحد من أهم شركائها.
أما جنوب افريقيا، فإنها عمدت لأسلوب القراصنة و حولت اتجاه باخرة محملة بالفوسفاط المغربي و أعلنت أن الحمولة من حق “الشعب الصحراوي” ضاربة عرض الحائط الإتفاقيات التجارية و قرارات الأمم المتحدة و هاهي تحاول أن تبيع الحمولة في المزاد العلني لتسلم الأموال البوليزاريو بعد أن تخصم النصف، كأي قرصان منحط.
الخلاصة هي أن المغرب أمام مخطط جهنمي ينذر بأيامٍ قادمةٍ صعبة تستوجب التعبئة و التضامن داخليا و استراتيجية خارجية على أعلى مستوى من الذكاء.
اللهم احفظ بلدنا من مكر و حسد الأعداء الذين جن جنونهم بعد العودة التاريخية للمغرب لمكانه الطبيعي بالاتحاد الأفريقي وزاد غيض هم بعد فوزه بعضوية مجلس السلم و الأمن القوي.