إفتتاحية سمير شوقي

رهانات الصحراء، كيف تحسم المعركة؟

قلنا قبل أسابيع في هذا الركن أن المغرب مقبل على تحديات داخلية و خارجية. و في نهاية الأسبوع الفارط اجتاز واحدة منها بنجاح وهي معالجة ملف الصحراء من طرف مجلس الأمن. هذا الأخير انتصر للمغرب بخصوص التمديد للمينورسو دون توسيع صلاحياته لمراقبة حقوق الإنسان في أقاليم نا الجنوبية بالإضافة لدفع البوليزاريو للإنسحاب صاغرا من الغرغرات.

لكن هل هاته المعطيات تسمح لنا للتهليل بهاته المستجدات و إعطاءها بعدا بعيدا عن ما يحتمل؟ الإجابة طبعا لا لأن المغرب يدرك جيداً أنه كلما حقق نصرا معنويا إلا وجن جنون خصومه و ناورا للإلتفاف على نصره.

وقد كان ناصر بوريطة، وزير الخارجية، محقا عندما وصف قرار مجلس الأمن بالمنطقة دونما إفراط في الإطناب. الآن على المغرب أن يحلل جيداً ما واكب إعداد نص تقرير مجلس الأمن و مناورات ماقبل التصويت.

لقد كان لافتاً أن الولايات المتحدة الأمريكية وقعت على منعطف يكرس لمسة إدارة دونالد ترامب في اتجاه يخدم مصلحة المغرب بعد أن عانى هذا الأخير من شطحات الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما التي شكلت أسوأ موقف بخصوص الصحراء تبنته أمريكا خلال العشرين سنة السابقة.

و من جهة أخرى، لا بد للمغرب أن يثمن الموقف الرائع الذي تتبناه فرنسا في السنوات الأخيرة و كرسته خلال هذه الجولة من المفاوضات في مجلس الأمن حيث قادت بيد من حديد الموقف الموالي للمغرب.

و كان جليا أسلوب فرنسا مما جاء على لسان الناطقة باسم مجلس الأمن من الإثراء على الموقف المغرب الذي وصفته بالجدي وذي المصداقية. كل هذا جيد، لكنه فقط حلقة من مسلسل طويل يتطلب نفسا طويلا و منهجية استراتيجية لا مجال فيها للإرتجال.

و لعل وجود بوريطة على رأس الديبلوماسية المغربية سيخدم القضية على أفضل وجه. فالرجل خبر ثنايا الملف منذ خمسة عشر سنة و اشتغل فيه إلى جانب رجال القصر الأقربون لقضية الصحراء كفؤاد عالي الهمة و ياسين المنصوري، و بالتالي لم يعد القصر بحاجة لوسيط بينه و بين وزير للخارجية بقبعة حزبية، لا يدري خلفيات و ما بين سطور الملف. الآن، خاطيء من يعتقد أن البوليزاريو سيتجرع مرارة إخراجه قسرا من الغرغرات أو من يتوهم أن الجزائر ستنزل أيديها. فالجارة الشرقية جعلت من زعزعة استقرار المغرب خارطة طريق يعتقد مهندسوها أن فشلها يعني نهايتهم! لذلك حركت دمى البوليزاريو بالغرغرات لتجري المغرب لحرب تضرب الديناميكية الإيجابية للإقتصاد الوطني في الصميم، بينما ليس لإنفصاليي البوليزاريو ما يخسرونه أكثر مما هم خاسرون على أرض الواقع. على المغرب أن يعمل، ابتداء من هذا الأسبوع، مع حلفائه الفرنسيين و الإسبان، و بتنسيق مع الأمريكان، على تفعيل قرار مجلس الأمن بإحصاء انفصاليي البوليزاريو بمخيمات تيندوف.

و بهذا سينقل المغرب الكرة في ملعب الخصم و يتبنى لأول مرة خطة هجومية تكسبه نقطا هامة في “الحسبة” الأخيرة و تربك استراتيجية الخصم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى