إفتتاحية سمير شوقي
الكرامة أولا …
قبل أيام قال عبداللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن المؤشرات المالية ستتحسن عندما يستقبل المغرب دفعة أخرى من مساعدات الخليج المقدرة بمليار و 250 مليون دولار على خمس سنوات أي بمعدل 250 مليون دولار سنويا، و قد تأخرت هذه الدفعة لأكثر من سنة و قد لا تأتي.
للتذكير، بعد اندلاع الخلاف بين السعودية و الإمارات من جهة و قطر من جهة أخرى تبنى المغرب موقفا حكيما بالحياد التام مع اقتراح وساطته، الشيء الذي لم يرق بعض الأطراف المتبنية لمواقف متطرفة من قبيل مبدأ جورش بوش :”إما معي أو ضدي”. و هذا ما سماه بعضهم في تغريداته “الرسمية” باللون الرمادي الذي لا يحبه.
الآن بات واضحا أن الرد الغير معلن هو إيقاف تلك التحويلات التي تسمى خطأ مساعدات فيما الواقع أنها تندرج في إطار شراكة تعاون امتدت لعقود عندما وقع المغرب مع ملكيات و إمارات الخليج اتفاقية الدفاع المشترك و نتذكر كيف فعلها المغرب إبان حرب الخليج سنة 1991 و الحرب على اليمن سنة 2015.
مخطيء من يعتقد أن المغرب بلد فقير، كما وصفه لحسن الداودي وزير الشؤون العامة، و من العيب ان يتم اللجوء إلى سياسة مد اليد، في حين ان البلد غني برأسمال لا مادي تمتد جذوره لأزيد من 12 قرن، و غني بمناجمه و بحاره و ثرواته الطبيعية.
لكن البلد يعاني من تهرب ضريبي من طرف بعض الأغنياء، البلد ينسف بحكامته السيئة و تفشي الفساد و الرشوة، البلد يبدر أمواله في صفقات بالملايير تفتقر الحد الأدنى من الرقابة، البلد يسير بأكثر من إمكانياته.
لذلك بإمكان المغرب أن يرفع رأسه عاليا و يحافظ على كرامة مواطنيه و يستغني عن مساعدات خارجية مذلة و ذلك بترشيد نفقاته و بتفعيل آليات الحكامة و الشفافية و شن حرب بلا هوادة على الرشوة و الفساد و التهرب الضريبي و تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إذاك سنوفر أكثر من 250 مليون دولار سنويا و الأهم أننا سنفرض احترام الآخر و نخرس ألسنة التخلف، فلا قيمة لشعب بدون كرامة.