إفتتاحية سمير شوقي
دلالات صورة
جاءت صورة الملك محمد السادس و ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان و رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري بباريس في وقتها و في ظرفية مثالية.
فالذين كانوا يراهنون على توثر العلاقات المغربية السعودية سيصابون بخيبة أمل، لأن دلالات الصورة و نشرها ليست اعتباطية و إنما تحمل أكثر من رسالة مشفرة.
فالعلاقات المغربية السعودية أعمق من أن تتأثر من مجرد تغريدات شاردة و محاولات يائسة لخندقة المغرب يا إما مع قطر أو يا إما مع السعودية و الإمارات. في حين أن الواقع يبين أن المغرب أقرب للجميع و علاقته مع دول الخليج مبنية على الجمع و ليس التشتيت و ان موقفه في الوسط عين العقل، و الأيام ستبين ذلك عندما تنقشع هذه الغمامة المؤسفة.
سبق و قلنا أنه قبل 28 سنة هبت القوات المسلحة الملكية لنصرة السعودية في حفر الباطن شرق السعودية في حرب الخليج الأولى، و عادت بعدها ب 25 سنة لتتحالف مع المملكة العربية في حرب اليمن، في بداياتها، و ميثاق الدفاع المشترك سيفعل كلما اقتضى الحال، لأن المغرب ليس مجرد حليف و إنما الأخ و الشقيق.
و مع ذلك لابد من التعامل مع المملكة العربية السعودية في الإقتصاد على أنها شريك و مستثمر و ليس كمانح للمساعدات. فالمغرب غني بثرواته الطبيعية و بإمكاناته الذاتية و بصناعته و تجارته. يجب التفكير في توطيد المبادلات التجارية للتقليص من العجز الحاصل بين الواردات (و أغلبها محروقات) و الصادرات بشكل يرفع من حجم المبادلات الإجمالي، و بهذا الصدد يمكن لمجلس الأعمال المغربي السعودي أن يلعب دور الوسيط و الفاعل الإقتصادي في هذا الباب، و هو بصدد المساهمة في الإعداد لعقد دورة اللجنة العليا المختلطة، المعطلة منذ العام 2013.
للذين شككوا في لحظة أن المملكة السعودية قد تنقلب على المغرب أو العكس لم يقرأوا جيدا تاريخ المملكتين و ربما يجهلون قواعد الجيوستراتيجية العربية التي تلعب فيها دول بعينها دورا محوريا لا يمكن تجاوزه، و المملكتين في قلب في هذا الدور المحوري على امتداد أكثر من نصف قرن.
في القضايا الكبرى تكبر المواقف و ينتفي التشويش الجانبي و تتغلب الحكمة و يحتكم الجميع للعمق التاريخي، فعلى امتداد أزيد من أربعين سنة، كانت السعودية الحليف الإستراتيجي للمغرب بخصوص نزاع الصحراء و كان المغرب درع خدام الحرمين الشريفين في توثرات المنطقة، و مر ملوك و حل آخرون و سيمر الأشخاص ( و هذه حكمة الله) و ستظل المملكتين على العهد سائرتين.
لذلك تثلج هذه الصورة الحريصون على عمق العلاقات الثنائية و تعيد الأمور لنصابها و تضع حدا لتأويلات و ترهات البعض و تؤكد أن علاقات الشقيقين لا تسير بالتويتر.